نعم يبقى في المقام عنوان « التجرّي » و « الانقياد » وهو أيضا لا يجدي شيئا ؛ إذ بعد تسليم وجوب الانقياد وحرمة التجرّي ، فهذا الفعل الذي ارتكبه الجاهل يصير حسنا أو قبيحا باعتبار كونه انقيادا أو تجرّيا مع قطع النظر عن الأوامر الواقعيّة ؛ فإنّ موضوع التجرّي والانقياد ممّا لا يتحقّق إلاّ بعد تخلّف الواقع ـ كما هو ظاهر ـ فإيجاد فعل يكون منشأ لانتزاع عنوان « الانقياد » ممّا لا يجدي في عنوان المأمور به الواقعي الذي لم يحم حوله المكلّف أبدا ، فالأمر به بعد العلم به باق بحاله ، والعقل الحامل على وجوب امتثال أوامر الله ورسوله (١) موجود ، فيحكم بوجوبه ، ولا مخلص عنه إلاّ بالامتثال. ولو قام دليل على عدم التكليف بعد الكشف لا بدّ من طرحه ؛ إذ ليس الكلام في الخارج عن الوقت. وأمّا في الوقت (٢) فلا بدّ أن يحمل على النسخ أو حصول البداء أو غير ذلك من وجوه سقوط التكليف ، والكلّ باطل ؛ ولذلك قلنا بامتناع الإجزاء في المقام.
وأمّا الثاني (٣) ـ يعني صورة النسيان ـ كما إذا نسى شيئا من أجزاء المركّب وأتى ببعض أجزائه ، فقضيّة القاعدة عدم الإجزاء فيما إذا كان الجزء من الأجزاء الواقعيّة لذلك المركّب.
وأمّا إذا كان التكليف بالإتيان بذلك الجزء مختصّا بحالة الذكر ، على وجه يكون المكلّف به هو المشترك بين حالة الذكر والذهول ، فمرجعه إلى الواقعيّ الاضطراري ، وهو ـ كما عرفت ـ يفيد الإجزاء ، ففيما إذا كان الجزء واقعيّا
__________________
(١) في « ع » و « م » بدل « أوامر الله ورسوله » : « الأوامر الإلهيّة والنبويّة ».
(٢) في « م » : « وأمّا ما في الوقت ».
(٣) عطف على قوله « أمّا الأوّل » في الصفحة ١٢٧.