المعلوم في محلّه أنّ وجود موضوع الإطاعة وتحقّق ماهيّتها في الواقع موقوف على تحقّق الأمر ، وحيث إنّه لا أمر في الواقع فلا إطاعة في الواقع (١) ، غاية الأمر تخيّل المكلّف بحسب (٢) معتقده وجود الإطاعة ، واعتقاده لو كان مؤثّرا في وجودها لكان الأمر المعتقد أيضا موجودا.
وبوجه آخر : أنّ من المعلوم توقّف الإجزاء على الأمر ، وقد عرفت أنّ الأمر إمّا واقعيّ أو ظاهري ، وعلى التقديرين إمّا عقليّ أو شرعي ، ولا خامس لهذه الأقسام الأربعة ، وشيء منها لا يوجد في مقام تخلّف الاعتقاد عن الواقع.
أمّا الأمر الواقعي الشرعي فلأنّ المفروض عدمه ، كالواقعيّ العقلي.
وأمّا الظاهري الشرعي فغير موجود ؛ إذ لا يعقل تكليف القاطع من حيث كونه جاهلا بالواقع على العمل بمعتقده ؛ لعدم احتماله خلاف الواقع ، فلا يمكن توجيه (٣) هذا الخطاب إليه ، والخصم أيضا لا يقول به.
وأمّا الظاهري العقلي فلعدم تعقّل حكم العقل بكونه مكلّفا بالعمل بقطعه من حيث كونه جاهلا بالواقع ؛ إذ بعد قطعه بخلاف الواقع لا احتمال للواقع عنده ، فكيف يقال في حقّه ذلك. نعم ، العقلاء المطّلعون على حاله وعلى الواقع يحكمون بكونه جاهلا بالواقع ومعذوريّته بالنسبة إلى الواقع للزوم التكليف بما لا يطاق.
وأمّا أوامر الإطاعة والنهي عن المعصية فتحقّقها موقوف على الأوامر الواقعيّة ، والمفروض (٤) انتفاؤها.
__________________
(١) في « ع » و « م » زيادة : « أيضا ».
(٢) في « م » بدل « بحسب » : « بسبب ».
(٣) في « م » : « توجّه ».
(٤) في « ع » زيادة : « في المقام ».