قيل بعدم اعتبار الخبر الظنّي في اللغات ، مع ورود رواية دالّة على ثبوت موضوع من الموضوعات اللغويّة مع استلزامه حكما شرعيّا ، فإنّه يؤخذ به في الثاني دون الأوّل ، كما في رواية زرارة عن الإمام عليهالسلام في تفسير آية « المسح » حيث استدلّ الإمام عليهالسلام بورود « الباء » للتبعيض مثلا (١) ، إلى غير ذلك ، فلا ضير في الأخذ بالأمارة في بعض الوقائع دون بعض ، ونحن ندّعي أنّ الأدلّة الدالّة على حجيّة الأمارات لا تدلّ على اعتبارها إلاّ في الوقائع اللاحقة الغير المرتبطة بالوقائع السابقة.
قلت : وهذه الدعوى دون إثباتها خرط القتاد بعد ملاحظة الأدلّة الدالّة على حجيّة تلك الأمارات ، ومتى يمكن إثباتها! فإنّ أخبار الاستصحاب (٢) والروايات الدالّة على حجيّة الأخبار الظنيّة (٣) وغير ذلك ممّا لا مجال لأن يتوهّم فيها التقييد ببعض الآثار ، وذلك أمر ظاهر لمن راجعها وانصف ، وإن كان قد يمكن أن يناقش في أمارة دلّ على اعتبارها بعض الوجوه اللبيّة ، مثل الإجماع ونحوه. ولكنّ الإنصاف أنّ مثل هذه التعسّفات لا ينبغي أن يرتكب فيها أيضا.
وأما الثاني (٤) ـ وهو بيان فقدان المانع عمّا ذكرناه ـ فذلك (٥) موقوف على إيراد ما يمكن أن يكون مستندا للخصم في المقام ، وبيان عدم صلاحيّته للمنع.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٩٠ ، الباب ٢٣ من أبواب الوضوء ، الحديث الأوّل.
(٢) راجع فرائد الاصول ٣ : ٥٥ ـ ٨٢.
(٣) راجع فرائد الاصول ١ : ٢٩٧ ـ ٣١٠.
(٤) عطف على قوله « أمّا الأوّل » في الصفحة ١٥٦.
(٥) كذا في « ق » ، وفي غيرها : « وذلك ».