نعم ، الحيثيّة المذكورة مثمرة في صدق ماهيّة المحدود ومفهومه على أفراده ومصاديقه ؛ لما عرفت : من أنّ الإطلاق والتقييد من الامور الإضافيّة. فالوجه في ذلك ذكرها بعد تمام ماهيّة المحدود وتميّزها عمّا عداها عند ما يراد تشخيص الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى مقدّمة مخصوصة ، كأن يقال مثلا : الصلاة من حيث إنّها لا يتوقّف وجوبها على الطهارة التي يتوقّف وجودها عليها من الواجبات المطلقة ، ومن حيث إنّها يتوقّف وجوبها على كذا من الواجبات المقيّدة.
وعرّف بعض الأجلّة (١) الواجب المطلق ـ بعد ما ذكر تعريف السيّد المذكور على اختلاف يسير ـ : بأنّه ما لا يتوقّف تعلّقه بالمكلّف على أمر غير حاصل ، سواء توقّف على غير ما مرّ من الامور العامّة وحصل كالحجّ بعد الاستطاعة ، أو لم يتوقّف كالمعرفة. ثمّ قال : ويقابله المشروط ، وهو ما يتوقّف تعلّقه بالمكلّف على حصول أمر غير حاصل. والنسبة بين كلّ من المطلقين مع مشروطه تباين ، وبين كلّ منهما وكلّ من الآخرين عموم من وجه.
وبيّن بيان النسبة بتمامها فيما علّقه على المقام ، قال : النسبة بين المطلقين عموم من وجه ، لاجتماعهما في المعرفة في واجد الشرط ، وافتراق الأوّل عن الثاني في الحجّ بعد الاستطاعة ، وافتراق الثاني عن الأوّل في المعرفة قبل البلوغ. وكذلك النسبة بين المشروطين ؛ فإنّه يصدق الأوّل بدون الثاني في الحجّ بعد الاستطاعة ، ويصدق الثاني بدون الأوّل في المعرفة قبل البلوغ ، ويتصادقان في الحجّ قبل الاستطاعة. وكذلك النسبة بين المطلق بالمعنى الأوّل والمشروط بالمعنى الثاني ؛ لتصادقهما في المعرفة قبل استكمال الشروط ، وصدق الأوّل بدون الثاني في المعرفة بعد الشرائط ، وصدق الثاني بدون الأوّل في الحجّ قبل الاستطاعة. وكذلك النسبة بين المطلق بالمعنى الثاني والمشروط بالمعنى الأوّل ؛ لتصادقهما في الحجّ بعد الاستطاعة ،
__________________
(١) وهو صاحب الفصول ، انظر الفصول : ٧٩.