يكون المراد بالحدّ في الواجب المشروط هو ما يتوقّف وجوبه على ما يتوقّف عليه وجوده أو وجوبه ؛ وذلك مع أنّه تفكيك ـ إذ المراد بلفظ « الوجود » الواقع في الحدّين لعلّه واحد كما هو الظاهر ـ ممّا لا يرجع إلى محصّل.
وإلى ذلك يرجع ما أفاده المحقّق القمّي في الحدّ ، من اعتبار قوله : « وإن كان في العادة أو في نظر الآمر » (١).
قلت : يمكن توجيهه بما مرّ من رجوع المقدّمة الشرعيّة إلى المقدّمة العقليّة. ولا ينافيه استحباب الحجّ بدون الاستطاعة ؛ إذ لعلّ وجود ما هو حجّة الإسلام في الواقع موقوف على الاستطاعة الشرعيّة ، كما قرّرنا. ومن ذلك القبيل اشتراط وجوب العبادات بالبلوغ على تقدير القول بشرعيّة عبادات الصبيّ ، فتدبّر.
ثمّ إنّ « الحيثيّة » التي زادها بعضهم في الحدّين (٢) ، فالظاهر أنّه أراد بذلك بيان أنّ الإطلاق والتقييد في الواجب من الامور الإضافيّة التي تختلف باختلاف أطراف الإضافة ، كما في الفوقيّة ، فإنّها تقاس بالنسبة إلى ما هو تحتها وإن كان بالقياس إلى شيء آخر تحتا ، إلى غير ذلك من الأعراض الإضافيّة. وكأنّه حاول بذلك دفع ما قد نبّهنا عليه ممّا هو لازم حدّ المشهور : من اجتماع الوصفين في شيء واحد ؛ ومع ذلك فلا وجه لذكرها في الحدّ ، لأنّ الغالب في القيود التي تذكر في الحدود من الحيثيات إنّما هو تعلّقها بالفعل المذكور فيها على وجه يقيّد ذلك الفعل بها ، وليس يصحّ تعلّق الحيثيّة المذكورة على الفعل المذكور في الحدّ وهو قولهم : « يتوقّف » ؛ لأنّ التوقّف غير متحيّث بتلك الحيثيّة ، إذ لا تعدّد في التوقّف. والمتعارف في ذكر القيود في الحدود من الحيثيّات هو صدق الحدّ بتمامه على فرد صادق عليه حدّ آخر ، يراد بتلك الحيثيّة تميّزه عنه ، وليس المقام من هذا القبيل.
__________________
(١) القوانين ١ : ١٠٠.
(٢) تقدّم في الصفحة ٢٢٤.