الحكيم إيراد لفظ يكون وافيا بتمام مقصوده ، لا التكلّم بما لا يفيد إلاّ بعضا منه ، وذلك ظاهر في الغاية ؛ فيجب على المكلّف حينئذ إيجاد المقدّمات الوجوديّة للإكرام وتحصيل المأمور به ، من دون حالة منتظرة من الامور المحتملة اشتراطه بها. هذا على مذاق المشهور القائلين بالاشتراك المعنوي.
وأمّا على ما هو المنسوب إلى السيّد من الاشتراك اللفظي (١) فيكون اللفظ مجملا ؛ لاحتمال إرادة وجوب الإكرام على تقدير خاصّ من تقادير الفعل المأمور به ، وعدم البيان لا يقضي بتعيّن المطلق ؛ فإنّ القرينة المعيّنة إذا انتفت يصير اللفظ مجملا بلا خفاء في ذلك ، من غير فرق بين اشتراك اللفظ بين معنيين لا ربط بينهما بالإطلاق والتقييد ـ كما في لفظ العين بالنسبة إلى الذهب والفضة ـ وبين اشتراكه بين معنيين أحدهما أعمّ من الآخر ، كما في لفظ « الإمكان » فإنّ انتفاء قرينة الخاصّ لا يوجب تعيّن إرادة العامّ ، فإنّه في هذه الملاحظة في عرض الخاصّ ، فسقط ما قد ينساق (٢) إلى الوهم : من أنّ الاشتراك اللفظي بين الإطلاق والتقييد ـ كما في هيئة الأمر ـ لا يقضي بالإجمال.
وثانيها : أن يكون الهيئة خالية عمّا يحتمل رجوعه إليها بحسب القواعد العربيّة ، لكنّ المطلوب فعل مقيّد بقيد خاصّ ، كما إذا أمر المولى بأداء فعل خاصّ في مكان خاصّ ـ كالصلاة في المسجد أو الطواف بالبيت ـ فيجب على المخاطب بخطاب الحجّ السعي إليه لتحصيل الطواف المأمور به ، وعند الشكّ في قيد من القيود الغير الثابتة للمادّة فالحكم ما عرفت في الوجه الأوّل. ومن ذلك ما إذا شكّ في اشتراط الوجوب بالقيد المذكور أيضا ، فإنّ الأصل في المقام هو الإطلاق أيضا.
__________________
(١) كما تقدّم في الصفحة ٢٤٢.
(٢) في ( ع ) : ينسبق.