نعم ، قد يمكن القول بالاشتغال فيما يكون الشكّ في كيفيّة الامتثال بعد معلوميّة وجوب نفس الامتثال من الشرع ، لأنّ الكيفيّات المتعلّقة بالامتثال من الامور التي وكلها الشارع إلى العقل ولا يحتاج إلى بيان منه في ذلك ، فلا قبح في العقاب عليه بعد إمكان الاحتياط.
كما أنّه يمكن القول بالاشتغال فيما إذا لم يكن الامتثال معلوما أيضا ، نظرا إلى أنّ الشكّ في المكلّف به ، حيث إنّ المقصود في الواقع هو أمر واحد وإن احتاج بيانه على تقدير التعبّدية إلى أمر زائد على بيان نفس مطلوبيّة الفعل ظاهرا ، كما لا يخفى ، فتأمّل.
ولا يذهب عليك أنّ ما ذكرنا من احتياج التعبّد إلى بيان زائد غير ما دلّ على الطلب لا يلازم أن يكون للفعل ثوابان : أحدهما لنفس الفعل وثانيهما للامتثال ، لتعدّد الأمر الملحوظ فيهما ، كما توهّمه بعض من لا درية (١) له ، لما عرفت من أنّ المقصود حقيقة واحدة ، فلا يعقل تعدّد الثواب والعقاب. والله وليّ التوفيق والهداية.
__________________
(١) في ط : دراية. ولعلّ الأصل : من لا دربة له.