أن يصار إليه إذا دلّ عليه الدليل كما عرفت ذلك. ولو أغمضنا عن ذلك وقلنا : بأنّ المراد من الإطاعة معناها الحقيقي ، فلا نسلّم أنّها حاكمة على الأدلّة الخاصّة ؛ إذ لعلّها واجبة في حدّ ذاتها من غير أن يكون مناطا لأمر آخر ، فالامتثال واجب مستقلّ وفعل الصلاة واجب آخر ، ويمكن سقوط الأمر الأوّل مع عدم سقوط الأمر الثاني بمعنى حصول المكلّف به فيها ، إذ الأمر الأوّل موضوع للإطاعة ـ على ما عرفت ـ فيكون سقوط الأمر الأوّل رافعا للعقاب المترتّب على مخالفته وإن كان موجبا للعقاب المترتّب على العصيان بواسطة الأمر بالإطاعة.
إلاّ أنّ ذلك خلاف الإنصاف ، إذ الالتزام بمثل ذلك لعلّه خلاف الإجماع ، فإنّ سقوط الواجب لو كان موجبا لعدم ترتّب العقاب المترتّب على تركه ، لا يعقل أن يكون موجبا للعقاب المترتّب على ترك الإطاعة بواسطة ارتفاع موضوعه كما لا يخفى. فتدبّر في المقام جدّا.
الثالث : قوله عليهالسلام : « لا عمل إلاّ بنيّة » (١) ونظيره قوله عليهالسلام : « إنّما الأعمال بالنيّات » (٢) وقوله عليهالسلام : « لا قول إلاّ بالعمل ، ولا عمل إلاّ بالنيّة ، ولا نيّة إلاّ بإصابة السنّة » (٣) وقوله عليهالسلام : « لكلّ امرئ ما نوى » (٤).
وجه الدلالة : أنّ العمل عبارة عن مطلق الأفعال التي يتعلّق بها الأمر والطلب من الامور الواجبة ، والنيّة عبارة عن قصد القربة ، ونفي العمل بدون النيّة يوجب الكذب ، فلا بدّ من حمله على نفي الأثر كما في روادفه ، كقوله : « لا صلاة
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٣ ، الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ١ ـ ٣.
(٢) المصدر المتقدم : ٣٥ ، الحديث ١٠.
(٣) المصدر المتقدم : ٣٣ ، الحديث ٢.
(٤) المصدر المتقدم : ٣٥ ، الحديث ١٠.