الثاني : إنّ من الامور المقرّرة في محلّه أنّ الأفعال الاختياريّة لا تقع اختيارية إلاّ بالقصد إليها ، وهي محالّ التكاليف الشرعيّة ؛ إذ الأفعال الاضطرارية خارجة عن مقدور المكلّف ، ويمتنع تعلّق التكليف بالأفعال الغير المقدورة ، فيجب أن يكون متعلّق التكليف هي العناوين المقصودة ، وهو المطلوب (١).
الثالث : ما نهجه بعض الأفاضل في مناهجه ، وهو : أنّه لا بدّ من (٢) نسبة العمل إلى شيء من كونه مؤثّرا فيه ، وهذا بديهيّ. والتأثير قد يكون مع المباشرة ، وقد يكون بالأمر والبعث كما يقال « قتل السلطان فلانا » ، والأفعال المطلوبة من المكلّف لمّا كانت مطلوبة ممّا هو انسان ، يعني النفس دون البدن ، وتأثيره لا يكون إلاّ بالأمر والبعث للبدن ، وهما لا يتصوّران إلاّ مع القصد والشعور ، فيلزم أن لا يصدر عمل عمّا هو المكلّف حقيقة إلاّ بالقصد (٣).
والرابع : قوله : « لا عمل إلاّ بنيّة » على أن يكون المراد من نفي العمل نفي الآثار بالنسبة إلى عنوانه الغير المقصود ، كسقوط التكليف ونحوه.
والجواب : أمّا عن الأوّل ، فقد عرفته.
وأمّا عن الثاني فيحتاج إلى تمهيد ، وهو : أنّ الامور العارضة للمأمور به والقيود اللاحقة له على وجوه :
أحدها : ما يؤخذ فيه قبل لحوق الطلب به ، كتخصيص الضرب بمكان أو زمان أو فاعل أو نحو ذلك ممّا لا يحصى.
وثانيها : ما يلحقه بعد ملاحظة لحوق الطلب به ، كالامتثال على ما عرفته.
وثالثها : ما يعرض فيه بعروض نفس الطلب والأمر.
__________________
(١) في ( ط ) زيادة : وذلك ظاهر.
(٢) كذا ، والمناسب : « لا بدّ في ».
(٣) لم نعثر عليه.