يجديه ، إذ قد يكون ما أراد أن يطلبه الطالب أمرا عامّا لا يمكن أن يقع عليه الطلب على عمومه ، كما أنّه يمكن أن يكون أمرا مخصوصا لا يمكن إظهاره أوّلا بنفس الطلب ، كما في الأوامر التعبّديّة على ما عرفت.
فإن قلت : إنّ الفعل لا يكون واجبا إلاّ بالطلب ، والمفروض عدم تعلّقه ـ ولو بواسطة قصوره ـ إلى مطلق الفعل الشامل للمقدور ولغير المقدور ، فلا يكون الفعل بعمومه واجبا. وحينئذ لا معنى لسقوط التكليف به ، وإنّ (١) سقوط التكليف بغير الواجب لا بدّ له من دليل ، ولا دليل عليه.
قلت : إنّ سقوط التكليف بغير الواجب فيما إذا كان ذلك بواسطة قصور الطلب بعد معلوميّة أنّ ما أراد أن يطلبه هو الفعل المطلق ، ممّا لا يحتاج إلى دليل ، لحصول المقصود الحقيقي بذلك ، ولا يعقل طلب الحاصل.
فإن قلت : هب أنّ المطلوب مطلق ، ولكنّه يجب الأخذ بمقتضى الطلب وتقييداته.
قلت : ذلك ظاهر الفساد بعد أنّ الوجدان قاض بأنّ المطلوب هو الفعل المطلق فيما إذا كان القيد غير مأخوذ في المطلوب ، ضرورة لزوم اختلاف نسبة الطالب إلى الأفراد ولو (٢) كان المطلوب مقيّدا ، والمفروض خلافه لإطلاق المطلوب.
فإن قلت : لو علمنا بأنّ المقصود هو الأعمّ كان الوجه ما ذكر ، ومن أين لك العلم بالمقصود؟
قلنا : يستكشف ذلك من إطلاق المادّة ، حيث إنّ المقصود لو كان أمرا مخصوصا لكان على المتكلّم بيان ذلك.
__________________
(١) كذا ، والمناسب : فإنّ.
(٢) في ( ع ) و ( م ) : ولو.