إذ لولاه لامتنع أمره به ، إذ عند عدم تصوّره لا يجد من نفسه ما يدعوه إلى طلبه ، فلا يقع الطلب من دون تصوّر المطلوب. إلاّ أنّ ذلك بمراحل عن التحقيق ، لإمكان أن يقال على ذلك التقدير : إنّ النفس مأمور بالتسبّب وليس يلزم من التسبّب تصوّر الفعل المأمور به. كذا أفاد الاستاذ.
وفيه نظر ؛ إذ بعد فرض أنّ المباشر هو الآلة دون النفس وأنّ نسبة النفس إليها نسبة التسبّب (١) ، لا يعقل التسبّب (٢) مع عدم ملاحظة عنوان المأمور به ، إذ لا فرق بين التسبيب والبعث والأمر ، فإنّ دواعي التسبّب (٣) ليس يدعو إلاّ بالتسبيب بالنسبة إلى عنوان المأمور به ، لا مطلق الفعل ولو بعنوان آخر ، فتدبّر.
وأمّا الجواب عن الرابع : فبما مرّ في الهداية السابقة ، ومحصّله : أنّه لا يستفاد من الرواية بعد تعدّد الوجوه المحتملة فيها شيء ، بل لو كان ولا بدّ فيدلّ على اعتبار القصد في الأعمال العباديّة فقط ، ومن البيّن اعتبار القصد إلى العنوان فيها (٤).
فالتحقيق في المقام : أنّ الأوامر التي ثبت في الشرع أنّها من العبادات يجب فيها قصد العنوان ، لأنّ الداعي فيها لا بدّ وأن يكون هو الأمر ، وهو لا يدعو إلاّ بالعنوان الذي تعلّق به الطلب ، فلو فرض وجود الفعل في الخارج من غير أن يكون عنوان المأمور به مقصودا لا يعقل أن يكون هو الداعي إلى إيجاده ، فلا يتحقّق القربة ، والمفروض وجوبها. وهذا هو السرّ في عدم صدق الامتثال عرفا عند عدم القصد. وأمّا ما لم يثبت كونها من العبادات فلا يجب فيها قصد القربة على ما عرفت ، ولا قصد العنوان ؛ لعدم دليل يدلّ على ذلك.
نعم ، لو اريد الامتثال بالأوامر التوصّلية يجب قصد العنوان ، لتوقّف قصد القربة عليه. ولعلّه ظاهر.
__________________
(١ ـ ٣) في ( ع ) : التسبيب.
(٤) في ( ط ) زيادة : « وذلك ظاهر ».