جميع المقدّمات الوجودية للواجب بعد دخول الوقت. وقد يكون مطلوبا بعد وجود الفعل الأوّل في الحال ، كما في المقدّمات التي يجب إيجادها قبل دخول وقت الواجب ، مثل ما عرفت في بعض المباحث الماضية. واللازم في هذين القسمين أن يكون الغير مطلوبا إمّا في وقت تعلّق الطلب بالفعل أو بعده ؛ إذ لا يعقل أن يتعلّق الطلب بفعل بواسطة التوصّل إلى فعل آخر مع عدم تعلّق الطلب بذلك الآخر أصلا (١).
وإذ قد عرفت ذلك ، فاعلم : أنّه قد فسّر في كلام غير واحد منهم الواجب النفسي بـ « ما امر به لنفسه » والغيري بـ « ما امر به لأجل غيره » (٢) وعلى ما ذكرنا في التمهيد (٣) يلزم أن يكون جميع الواجبات الشرعيّة أو أكثرها من الواجبات الغيريّة ، إذ المطلوب النفسي قلّ ما يوجد في الأوامر ، بل جلّها مطلوبات لأجل الغايات التي هي خارجة عن حقيقتها ، فيكون أحدهما غير منعكس ، ويلزمه أن يكون الآخر غير مطّرد ، لانتفاء الواسطة.
لا يقال : المراد بكونه « مطلوبا لنفسه » أنّه مطلوب لأجل مصلحة حاصلة في نفسه ، فيكون المراد بالغيري ما امر به لأجل مصلحة حاصلة في غيره ، فيتمّ عكس الأوّل ، وبه يصحّ طرد الآخر أيضا (٤).
لأنّا نقول : ذلك فاسد جدّا ، ضرورة امتناع أن يكون المصلحة الداعية إلى طلب الشيء حاصلة في غيره ، غاية ما في الباب أنّ المصلحة في فعل المقدّمة هو الوصول إلى الغير الحاصل في نفسه ، وفي ذيها القرب الحاصل في نفسه. وذلك لعلّه ظاهر.
__________________
(١) في ( ط ) زيادة : « وهو ظاهر في الغاية ».
(٢) راجع الفصول : ٨٠ ، وهداية المسترشدين ٢ : ٨٩ ، ومناهج الأحكام : ٤٨.
(٣) راجع الصفحة ٣٢٩.
(٤) في ( ط ) : وبه يصحّ الطرد أيضا في الثاني.