التماس ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن كما بلغه » (١) فإنّه يعمّ جميع أقسام البلوغ ، حتّى فتوى الفقيه. فتأمّل (٢).
وقال فيما علّق على هذا المقام : إشارة إلى أنّه يخرج عن المستحبّ المصطلح الّذي تسامح في أدلّته ، لكنّه لا مانع من التزامه إلاّ تسديس الأحكام أو تسبيعه ، إلاّ أن يقال : إنّ ذلك إنّما هو في الأحكام الأصليّة فلا يضرّ حصول ذلك في التبعيّات (٣).
وكيف كان ، فهذه جملة ما حضر عندنا من كلمات القائلين بالثواب والعقاب على اختلاف مشاربهم وتباعد مذاقهم.
والتحقيق عندنا هو القول الثاني ، والّذي يدلّ على ذلك هو : أنّ الحاكم بالثواب والعقاب إمّا العقل أو النقل ، وليس في شيء منهما دلالة على ذلك في المقام.
أمّا العقل فهو مستقلّ بعدم استحقاق الآتي بالمقدّمة للثواب غير ما يترتّب على ذيها ، فضلا عن حكمه باستحقاقه له. والسرّ في ذلك : أنّ الثواب على ما هو المعقول عندنا هو النفع المترتّب جزاء على فعل الطاعات ، فهو إذا من فروع الامتثال ، والمعقول من الامتثال هو الإتيان بالمأمور به على وجه يكون الداعي إلى إيجاده هو الأمر ، والأمر الغيري لا يصلح لأن يكون هو الداعي إلى إيجاد ما تعلّق به ، فإنّ الشيء المطلوب بواسطة الغير من حيث إنّه مطلوب بالغير لا داعي إلى إيجاده إلاّ التوصّل إلى ذلك الغير ، فالمطلوب الحقيقي هو الغير والامتثال بمقدّماته ليس الامتثال بذلك الغير. وذلك ظاهر لمن راجع وجدانه وأنصف من نفسه. ويستكشف ذلك بملاحظة أوامر الموالي المتعلّقة بمراداتهم في الموارد المختلفة ، فإنّ
__________________
(١) الوسائل ١ : ٦٠ ، الباب ١٨ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٧.
(٢) القوانين ١ : ١٠٤.
(٣) راجع التعليق في القوانين ١ : ١٠٥.