العقلاء بكافّتهم مطبقون على أنّ الإتيان بواجب واحد يتوقّف على مقدّمات عديدة ولو بلغ ما بلغت إطاعة واحدة وامتثال واحد ، والتارك لواجب واحد وإن تعدّدت مقدّماته لم يعص إلاّ معصية واحدة ، ولا يترتّب على إطاعة واحدة أو معصية واحدة إلاّ جزاء واحد.
ولا فرق في ذلك في نظر العقل بين أن يكون المقدّمة ملحوظة في نفسها في ضمن خطاب أصليّ وبين أن لا يكون مدلولا عليها إلاّ بخطاب تبعيّ ، إذ تأثير الملاحظة التفصيليّة والتعبير عن مطلوبيّتها بعبارة مستقلّة فيما نحن بصدده غير معقول ، فإنّ مناط استحقاق الثواب والعقاب متعدّد بتعدّد (١) الإطاعة والعصيان ، والمفروض أنّهما متّحدان حينئذ أيضا. والقول بأنّ ذلك يوجب التعدّد فاسد جدّا ، كيف! وذلك تفصيل في نفس الأمر بالنسبة إلى سائر المقدّمات على القول بوجوبها ، كما ستعرف.
نعم ، يبقى في المقام نكتة التصريح بالبعض دون الآخر. والخطب فيه من أسهل الخطوب ، كما هو ظاهر.
وأمّا التفرقة بين الثواب والعقاب فلعلّه ممّا لا يرجع إلى طائل بالنظر إلى حكم العقل ، لما عرفت من إمكان المناقشة في استحقاق الثواب على فعل الطاعات النفسيّة ، فكيف يقال باستحقاق الثواب في الغيري دون العقاب؟
وأمّا النقل فغاية ما يمكن الاستناد إليه أمران :
أحدهما : الآيات الدالّة على ترتّب الثواب والعقاب بوجوب (٢) الإطاعة والعصيان ، الشاملين بعمومها لجميع المطلوبات الشرعيّة غيريّا كان أو نفسيّا ،
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) : تعدّده على تعدّد.
(٢) كذا ، والمناسب بدل « وجوب الإطاعة » : على الإطاعة.