وجوب ذيها ولا من غيره لانتفائه. وإمّا قول بتسبيع الأحكام ـ كما (١) أفاده المحقّق القمّي (٢) ـ إذ القاضي بالحكم المذكور هو وجوب ذيها ، وحيث إنّه ليس وجوبا لعدم استحقاق العقاب على فعله بنفسه ، ولا ندبا لعدم ما يقضي به ، فلا بدّ أن يكون قسما سادسا. وبمثله نقول في الموانع ، فلا يكون محرّما لعدم ترتّب العقاب على فعلها امتثالا (٣) وترتّب الثواب على تركها ، ولا مكروها لعدم ما يقضي به ، فهو قسم سابع. وليس مراده أنّه وجوب ظاهريّ لا واقعيّ ـ كما يظهر منه في بعض المباحث ـ إذ على تقديره فاللازم تعشير الأحكام ، مع أنّه لا محذور كما لا يخفى.
وأمّا ما قد يدفع عن ذلك باختلاف حدّي الوجوب الغيري والنفسي ـ كما تكلّفه بعض الأجلّة (٤) ـ فليس يجدي شيئا بعد ما عرفت أنّ الكلام في الاستحقاق ، ولا يعقل التفرقة في الوجوب بين أحد لازميه كما صنعه.
وأمّا ما أفاده (٥) من استناد استحباب المقدّمة إلى قاعدة التسامح فهو تسامح في إصابة الواقع ، إذ بعد الغضّ عن شمول الأخبار لمثل فتوى الفقيه أوّلا ثمّ لفتوى مثل الغزالي ـ كما لعلّه تفطّن له ، كما يشعر به قوله : فتأمّل ـ فهو ممّا ليس ينبغي ، إذ الكلام مع الغزالي القائل بهذه المقالة الفاسدة ، فالنزاع إنّما هو في أمر واقعي يدّعيه الغزالي ، ونحن ندّعي أنّ الواقع على خلافه. وليس المقام من موارد إثبات الحكم المتنازع فيه بالتسامح.
نعم ، إذا فرض البحث مع غيره فيمكن لمدّعي الاستحباب الاستناد إلى قول
__________________
(١) في ( ط ) : على ما.
(٢) تقدّمت عبارته في الصفحة ٣٤٠.
(٣) لم يرد « امتثالا » في ( ط ).
(٤) وهو المحقّق القمّي كما تقدّم في الصفحة ٣٣٩.
(٥) أي المحقق القمي ، كما تقدّم في الصفحة ٣٤٠.