محلّه. ومن المعلوم أنّ رفع السلب إنّما هو سلب السلب لا الإيجاب للإيجاب (١). وأمّا الإيجاب فهو يلازم ما هو المحكيّ عنه فيما هو النقيض حقيقة ، كما يلاحظ ذلك في العدم وعدم العدم ، فإنّه ليس هو الوجود ، كيف! وهو مفهوم عدمي ، ولا يمكن أن يكون الوجود عدما ولو مفهوما ، كما هو ظاهر. فمناقضة الإيجاب للسلب سواء لوحظ ذلك في الوجود الربطي النسبي ـ كما في القضايا ـ أو في الوجود المحمولي الأصلي ـ كما في المفردات ـ إنّما هو بواسطة ملازمة بين ما هو المحكيّ عنه بتلك الحكايات من الإيجاب وسلب السلب والوجود وعدم العدم.
وإذ قد تقرّر ذلك نقول : إنّ الترك الخاص نقيضه رفع ذلك الترك ، وهو أعمّ من الفعل والترك المجرّد ، لأنّ نقيض الأخصّ أعمّ مطلقا ، كما قرّر في محلّه. فيكون الفعل لازما لما هو من أفراد النقيض. وهذا يكفي في إثبات الحرمة وإلاّ لم يكن الفعل المطلق محرّما فيما إذا كان الترك المطلق واجبا ، لأنّ الفعل على ما عرفت ليس نقيضا للترك ، لأنّه أمر وجودي ، ونقيض الترك إنّما هو رفعه ، ورفع الترك إنّما يلازم الفعل مصداقا وليس عينه ، كما هو ظاهر عند التأمّل. فكما أنّ هذه الملازمة تكفي في إثبات الحرمة لمطلق الفعل ، فكذلك تكفي في المقام.
قوله : الأعمّيّة بحسب الصدق ممنوع. قلنا : لا حاجة في إثبات الحرمة إلى ذلك ، كما عرفت في الفعل المطلق بالنسبة إلى الترك المطلق من غير فرق ، غاية الأمر أنّ ما هو النقيض في مطلق الترك إنّما ينحصر مصداقه في الفعل فقط. وأمّا النقيض للترك الخاصّ فله فردان ، وذلك لا يوجب فرقا فيما نحن بصدده ، كما لا يخفى.
هذا بناء على ما زعمه من أنّ الترك المجرّد من أفراد ترك الترك المقيّد ، وإلاّ فالتحقيق فيه سيجيء في بعض المباحث الآتية. والله الموفّق والهادي.
__________________
(١) الظاهر زيادة : « للإيجاب ». ولم يرد في ( ع ) و ( م ) : « لا الإيجاب ».