وهو الفعل والمصدر. وإن لوحظ من حيث إنّه حاصل بالفعل والمصدر ـ كأن يكون اسم مصدر ـ فيحتاج إلى التعبير بالإيجاد وتقديره في متعلّق الطلب ، وهو عبارة اخرى من وجوب تحصيل الضرب.
ولعلّ ما ذكرنا مراد القائل بأنّ الأمر بالمسبّب عين الأمر بالسبب ، وإلاّ فهو بظاهره فاسد جدّا ، إلاّ أنّه مع ذلك ليس قولا بالتفصيل في المقدّمات السببيّة وغيرها ، بل هو قول برجوع الأمر النفسي إلى بعض الأسباب ، لعدم قابليّة المسبّب للأمر ، لا لأنّه بعد حصول السبب خارج عن القدرة ، بل بواسطة أنّه ليس فعلا حتّى يتعلّق به التكليف.
وبمثل ما ذكرنا تقدر على إرجاع الأمر المتعلّق بالمسبّب إلى الأمر بالسبب فيما إذا كان الذات فيهما متّحدة ، من دون لزوم تجوّز ؛ فإن قولك : « أحرق » عبارة عن طلب إيجاد الحرق ، وتحصيله في الخارج عن الإلقاء في النار ، فلا مجاز في اللفظ ، مع أنّ المأمور به في الواقع هو الإلقاء. ولا يجري ذلك بالنسبة إلى الشروط ، فإنّ الأمر بالصعود على السطح لا يرتبط بنصب السلّم ، بل كلّ من النصب والصعود من الأفعال الصادرة من الفاعل على وجه المباشرة.
وأمّا بالنسبة إلى الأسباب التي تغاير المسبّبات في الخارج ويكون المسبّبات أيضا من الأفعال فلا داعي إلى التزامه وإن كان له وجه صحّة ، كما عرفت في قولك : « اضرب » إذ يمكن تجريد المادّة عن الإيجاد بجعلها حاصل المصدر ، فيكون مدلول الهيئة طلب الإيجاد ، وهو يرادف الأمر بالسبب في اللبّ ، إلاّ أنّ الظاهر من الفعل المتعلّق للأمر هو كونه مصدرا ، فلا حاجة فيه إلى الإيجاد ، وعلى تقديره يجب إبقاء الأمر على ظاهره ، لجواز تعلّق التكليف بالمسبّبات ، لأنّ الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، والمسبّب أيضا فعل لا مانع من تعلّق التكليف به.