كان متّحدا مع عنوان المولّد (١) أو مغايرا. أمّا الثاني فظاهر ، وأمّا الأوّل فلأنّ مدار التكليف وصحّته على القدرة على ذات الفعل بالعنوان الذي تعلّق به الأمر ، والمفروض كون الذات مقدورة ، وإلاّ لم يصحّ التكليف بالسبب أيضا لاتّحاد الذات فيهما ، وكونها معنونة بعنوان المسبّب ـ كالإحراق مثلا ـ لا تأثير له في الامتناع ، إلاّ من حيث توهّم وجوب وجود المسبّب مع وجود السبب ، سيّما إذا كان الذات فيهما متّحدة ، وقد عرفت الجواب عن ذلك فيما تقدّم.
وعلى الثاني ، فلا يعقل أن يكون العنوان المولّد من الفعل موردا للتكليف والأمر ؛ ضرورة توقّف صحّته على أن يكون المأمور به فعلا من المأمور ، وأمّا إذا لم يكن فعلا له فلا وجه للأمر والطلب ، إلاّ أن يكون المأمور به حقيقة والمطلوب النفسي هو عنوان السبب ويكون المسبب الحاصل به داعيا إلى الأمر به. ولا ينافي ذلك وجوبه النفسي ـ كما تقدّم في تحديده ـ إذ المطلوب النفسي غير منحصر فيما هو غاية الغايات.
فإن قلت : الأمر بالعلم لا بدّ وأن يكون مجازا على ما ذكرت ، وهو بعيد في الغاية.
قلت : لا نسلّم ذلك ، فإنّ قولك : « اعلم » يشتمل على مادّة وهيئة ، والهيئة تدلّ على طلب إيجاد العلم الذي هو المادّة وهو بعينه مفاد قولك : « حصّل العلم » ، فلا مجاز فيه.
نعم ، لو كان المتعلّق للطلب من مقولة الفعل ـ كالضرب مثلا ـ فإن لوحظ من حيث إنّه فعل ومصدر ، لا حاجة إلى تقدير الإيجاد في متعلّق الطلب ، فيقال : إنّ مدلول الهيئة في قولك : « اضرب » طلب الضرب ، إذ الإيجاد مأخوذ في المتعلّق ،
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) : المولود.