وعن الثاني : بأنّ وجوب الفعل كامتناعه بعد وجود علّته وعدمها لا ينافي التكليف به ، وإلاّ لزم سقوط التكليف عن رأس ، لأنّ المفروض أنّ المقدّمة السببيّة أيضا من الأفعال الاختياريّة التي لا بدّ من انتهائها إلى غيرها من الامور الخارجة عن القدرة التي يمتنع تعلّق التكليف بها اتّفاقا.
وعن الثالث : بما مرّ في تضعيف حجّة النفي.
وعن الرابع : فبأنّ ما ذكره إنّما يتمّ فيما إذا كان المسبّب الّذي تعلّق به الأمر من غير مقولة الحركة والفعل كأن يكون من مقولة الكيف أو غيره ، كالأمر بالعلم فيما إذا لم نقل بكونه من مقولة الفعل ، فإنّ قولك : « اعلم » بناء على ذلك لا بدّ وأن يكون المطلوب النفسي في ذلك الأمر هو التحصيل والنظر. وأمّا إذا كان المسبّب من مقولة الحركة والفعل كتحرّك المفتاح المسبّب عن تحريك اليد وإن لم يكن وجود المسبّب مغايرا لوجود السبب في الخارج ، فلا وجه للمنع عن تعلّق التكليف به ، لكونه فعلا من أفعال المكلّف. وأمّا كونه تابعا لفعله الآخر فلا ينافي تعلّق التكليف به ، كما عرفت في الجواب عن الثاني.
وتوضيحه : أنّ الامور التوليديّة التي يتولّد من فعل المكلّف تارة يكون من مقولة الفعل والحركة الصادرة عنه ، سواء كان اختلافهما بمجرّد العنوان مع اتّحاد الموجود منهما في الخارج كالإحراق الحاصل بالإلقاء في النار وكتحريك المفتاح الحاصل بتحريك اليد ، أو كان الموجود منهما أيضا متعدّدا كحركة المفتاح وحركة اليد بناء على أنّ تلك الحركة القائمة بالمفتاح صاردة عن الفاعل أيضا ، كما لا يخفى.
واخرى يكون من غير مقولة الفعل والحركة ، كالعلم الحاصل بالنظر والتحصيل الذي هو من مقولة الفعل والحركة.
فعلى الأوّل ، لا مانع من تعلّق التكليف بعنوان المولود من فعله الآخر ، سواء