بيان ذلك : أنّ الشروط الشرعيّة على قسمين :
أحدهما : ما يكون من الأفعال ، كالاستقرار في الصلاة واستقبال القبلة.
والثاني : ما يكون من قبيل الأحوال ، كالطهارة ، فإنّها هي الحالة الحاصلة بالأفعال المخصوصة من الوضوء وأخويه في نفس المكلّف المقارنة لأفعال الصلاة وأكوانها. وأمّا نفس تلك الأفعال فهي ليست من الشروط لانتفاء مقارنتها مع المشروط ولزومها في الشروط ، وقد عرفت فيما تقدّم أنّ الأمر الحاصل من الأفعال فيما إذا لم يكن فعلا فالتكليف إنّما يجب تعلّقه بأسبابه وإن كان مورد الأمر نفس تلك الحالة.
وحينئذ نقول : المفصّل إمّا أن يقول بوجوب القسمين فلا بدّ من التزامه وجوب هذا القسم من الأسباب ، وإمّا أن لا يقول بوجوبهما فلا بدّ من التفصيل في الشروط. إلاّ أن يقال : التزام وجوب هذا السبب إنّما هو بواسطة تعلّق الأمر الأصلي حقيقة به ، وهذا ليس تفصيلا في المسألة كما تقدّم ، لعدم اختصاصه بالأسباب الشرعيّة بل يجري في غيرها أيضا ، فلا ينافي اقتصاره في المسألة على وجوب الشرط الشرعي.
على أنّه يظهر من العضدي التزامه بوجوب مطلق الأسباب ، حيث قال رادّا على ما احتجّ به القائل بالوجوب مطلقا : إنّ المستدلّ بذلك إن أراد بـ « لا يصحّ » و « واجب » اللابدّيّة فمسلّم ، وإن أراد أنّه مأمور به ، فأين دليله؟ وإن سلّم الإجماع ففي الأسباب بدليل خارجي (١).
والعمدة ما ذكرنا : من أنّ الأمر الأصلي حقيقة متعلّق بالسبب من دون لزوم تجوّز ، كما عرفت مفصّلا. وهو الهادي.
__________________
(١) شرح مختصر الاصول : ٩١ ـ ٩٢.