الشرطيّة إمّا أن يكون ممكنا بدون الأمر ـ كأن يقال بأنّ الماهيّة الفلانيّة يتوقّف حصول أثرها على الأمر الفلاني ، وهذا هو الوجه في انتزاع معنى الشرطيّة من الأمر الفلاني ـ وإمّا أن لا يكون ممكنا. فعلى الأوّل لا إشكال في فساد الدليل ، وعلى الثاني لا وجه للفرق بين الشرط الشرعي وبين الشرط العقلي ، وعلى تقديره فاللازم التفصيل بين المقدّمات الشرعيّة وغيرها ، شرطا كانت أو جزءا أو سببا أو غيرها ، كما لا يخفى.
وقد يتوهّم الانتصار لمذهب المفصّل بما أشعر به العضدي في تقريب حجّة النفي في غير الشرط الشرعي ، حيث قال : لو استلزم وجوبه وجوبه لزم تعقّل الموجب له ، وإلاّ أدّى إلى الأمر بما لا يشعر به (١) ، فإنّه يظهر منه أنّ وجه الأمر في الشرط هو شعور المشترط به ، فإنّ المفروض أنّ الآمر إنّما يأمر بالصلاة مع الطهارة لا مطلقا ، وهو في قوّة أمره بالصلاة. ولعلّه يرجع إلى ما ذكرنا في توجيه الاستدلال ، وإلاّ فمجرّد الشعور لا يستلزم الأمر. وعلى تقديره فاللازم الأمر بالأجزاء أيضا ، لأنّها أيضا مشعور بها على تقدير وجوب الشعور بالشرط ، لا سيّما إذا كان جزءا شرعيّا ؛ على أنّ فتح هذا الباب يوجب انسداد باب إنكار وجوب المقدّمات في الأوامر الشرعيّة ، لامتناع الذهول والغفلة في حقّه تعالى.
ثمّ إنّ ظاهر التفصيل أن يكون قولا في قبال التفصيل المقدّم وأن لا يكون المفصّل قائلا بوجوب الأسباب شرعيّة كانت أو غيرها وإن كان منافيا لما تقدّم من نقل الإجماع عن الآمدي والتفتازاني (٢) على وجوب السبب ، فإن التزم المفصّل بوجوب الأسباب فهو ، وإلاّ فاللازم إمّا التفصيل في الشروط في إخراج بعض أقسامها ، وإمّا القول بوجوب بعض الأسباب الشرعيّة.
__________________
(١) شرح مختصر الاصول : ٩١.
(٢) تقدم عنهما في الصفحة : ٤٤١.