قولك : إذ المفروض أنّه لم يتعلّق أمر بالشرط لانحصار الأمر بالمشروط.
قلنا : قد عرفت أنّ الوجوب لا يؤثّر في دخول شيء في شيء وخروجه عنه ، غاية الأمر أنّه على تقدير تعلّق الأمر يكون هو موردا للأمر من غير دلالة على أمر زائد عليه ، كما لا يخفى.
وثانيا : أنّه تقدّم أنّ الشرط الشرعي في معنى الشرط العقلي. وبيانه إجمالا : هو أنّ حقيقة الصلاة واقعا ممّا لا يحصل في الواقع إلاّ بعد تلبّس المصلّي بالطهارة ، إذ الصلاة ليست هذه الحركات والسكنات التي هي بمرأى منّا ومسمع من غيرنا ، وإنّما هي حقيقة واقعيّة غير حاصلة إلاّ بما اعتبره الشارع فيها من الأجزاء والشرائط ، بناء على مذهب الصحيحي ـ كما هو الصحيح ـ ويكون بيان الشارع لها كشفا عمّا هو الواقع.
وبوجه أظهر بعد الإغماض عمّا ذكرنا : أنّه لا إشكال في أنّ الشارع إنّما قيّد المشروط بالشرط الذي جعله شرطا ، ومن المعلوم أنّ الآتي بذات المقيّد بدون القيد لا يكون آتيا بالمقيّد من حيث إنّه مقيّد ، وخروج الشرط عن المشروط إنّما هو باعتبار ذاته ، وأمّا تقييده فلا بدّ من التزام دخوله في المشروط ، وبذلك يصير جزءا عقليّا للمشروط ، ولا ضير فيه ، فنختار أنّ الآتي بالمشروط فقط لا يكون آتيا بتمام المأمور به ، ولا ينافي ذلك فرض خروج ذات الشرط عن المشروط. ولو لا أنّ الشرط باعتبار تقيّده معتبر في المشروط يلزم أن يكون الشرط العقلي أيضا مأمورا به ـ كما زعمه المفصّل ـ لجريان الدليل فيه حرفا بحرف ، كما هو ظاهر.
نعم ، يمكن توجيه الاستدلال بأنّه قد تقرّر في محلّه : أنّ الشرطيّة اعتبار عقليّ منتزع عن مطلوبيّة شيء في شيء على وجه خاصّ ، ولا معنى لجعل الشيء شرطا لشيء إلاّ طلبه في ضمن طلبه ، فلا بدّ من أن يكون الشرط الشرعي مأمورا به من الشارع ، وإلاّ لم يعقل كونه شرطا له ؛ لعدم الارتباط. إلاّ أنّ فيه أيضا : أنّ بيان