وضعفه ظاهر ؛ فإنّ ذلك يوجب كونه إصرارا فعليّا كنفس المداومة ، بل وكبيرة من الكبائر بناء على أنّ الإصرار بالصغيرة كبيرة. وأمّا الإفطار فهو ممّا لا يرتبط بالمقام ، لأنّ الوجه في كونها من المفطرات ارتفاع حقيقة الصوم بواسطة القصد إلى الإفطار ، فإنّ الصوم عبارة عن إمساك زمان محدود مخصوص تقرّبا إلى الله تعالى ، وذلك لا يتحقّق مع قصد الإفطار ، وأين ذلك من كون القصد عصيانا؟ كما لا يخفى.
وقد يستدلّ على حرمة العزم : بأنّ التوبة واجبة عقلا وشرعا ، وهي عبارة عن الندم على العمل والعزم على عدم العود ، فيكون هذا العزم واجبا فيكون تركه حراما ، فإذا كان ترك العزم على العود حراما فما ظنّك بالعزم على العود؟
وفيه : أنّ تحصيل اعتقاد النفع على عدم العود وتخليصه عن الموانع والعوارض الشهوانيّة التي يمنع عن ترتّب مقتضى الاعتقاد بالنفع واجب ، ولكنّه لا يستلزم عقابا ، لأنّه من الواجبات العقليّة الإرشاديّة التي هي مبنيّة على لزوم دفع الضرر ، وقد قرّر في بعض المباحث المتقدّمة أنّ الأوامر المسوقة للإرشاد وبذل النصح عقليّة كانت أو شرعيّة لا تورث ذمّا ولا يستتبع عقابا على مخالفة الهيئة وطلبها ؛ على أنّه لو لم يكن من الواجبات الإرشاديّة أيضا لم يستحقّ العقاب ، لأنّ أجزاء الواجب بمنزلة المقدّمات لا يستلزم تركها عقابا في نفسه ، كما مرّ.
ثمّ إنّ محلّ الكلام إنّما هو في العزم والتصميم. وأمّا الخطرات العقليّة (١) التي لا ينفكّ عنها الإنسان في الأغلب ، فقد ادّعي الضرورة في عدم كونها معصية ، لكونها تكليفا بما لا يطاق. عصمنا الله وإخواننا من المعاصي.
__________________
(١) في هامش ( ط ) : القلبيّة ، ظ.