على ما إذا تلبّس بفعل بعض المقدّمات ، وحمل الأخبار الدالّة على العفو بمجرّد القصد ، كما يشعر به أخبار سفر المعصية (١) والساعي للسعاية (٢) وغارس الكرم (٣) من حيث إنّ موردها هو القصد مع التلبّس. أو بحمل أخبار المؤاخذة على غير المؤمنين وأخبار العفو على المؤمنين ... إلى غير ذلك.
والوجه في عدم الحاجة هو أنّه لم يظهر من أخبار المؤاخذة سوى استحقاق العقاب دون فعليّته ، عدا رواية الخلود المخصوصة بالكفّار (٤) ، ولا ينافي ذلك ثبوت العفو تفضّلا من الله الكريم على تلك الامّة المرحومة.
ثمّ إنّه بما ذكرنا يظهر عدم جريان النزاع في أنّ القصد إلى المعصية هل هي كبيرة أو صغيرة ، إذ بعد عدم كونه معصية لا وجه لذلك ، وعلى تقديره فتعيين ذلك موقوف على تعيين معنى الكبيرة ، وهو خارج عمّا نحن بصدده. ولكن ذلك جار بالنسبة إلى المعاصي الّتي لها خارج غير الاعتقاد. وأمّا القصد إلى الامور المبغوضة الاعتقاديّة ، كالقصد إلى الكفر ، فهو عين الكفر بناء على ما قرّرنا من أنّ مرجع القصد إلى الاعتقاد بالنفع ، وهو ظاهر بعد الإحاطة بما مرّ.
ثمّ إنّ بعضهم (٥) قد استشهد على كون العزم عصيانا بتقسيم الفقهاء الإصرار على الصغائر إلى الفعلي وهو المداومة عليها ، والحكمي وهو العزم على فعلها عند التمكّن منها. وبعدّ قصد الإفطار من المفطرات في رمضان.
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٥٠٩ ، الباب ٨ من أبواب صلاة المسافر.
(٢ و ٣) تقدّم تخريجهما في الصفحة : ٤٦٤.
(٤) الوسائل ١ : ٣٦ ، الباب ٦ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٤.
(٥) استشهد به شيخنا البهائي ، كما نقل عنه الكلباسي في إشارات الاصول : الورقة ٩٨ ، وانظر الأربعون حديثا : ٣٧٩ ـ ٣٨٠.