على القصد ممنوعة ، بل ما لم يثبت عنوان يقيني عقلي أو شرعي لا يحسن في العقل العقاب عليه وعلى غيره من المقدّمات.
نعم ، من قصّر نظره على ما يراه من منافع الفعل الراجع إلى متابعة هواه ولم يصرف نفسه عن عدم المبالاة في تحصيل رضاء مولاه يعدّ سيّئ السريرة وخبيث الطينة ، فإن جاز في العقل أو في الشرع العقاب على مثله وإن لم يتحقّق منه مخالفة صحّ مفاد الأخبار ، وإلاّ فلا بدّ من حملها على ما لا ينافيه العقل ، كما هو الشأن في أمثاله.
والظاهر أنّ العقاب بدون المخالفة ليس من العدل ، كما يظهر من رواية عبد الله بن جعفر الحميري المرويّة في قرب الإسناد عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : « لو كانت النيّات من أهل الفسوق يؤخذ بها لاخذ كلّ من نوى الزنا بالزنا وكلّ من نوى السرقة بالسرقة وكلّ من نوى القتل بالقتل ، ولكنّ الله عدل كريم ليس الجور من شأنه » (١) ومع ذلك فليس فيه كثير فائدة ، لثبوت العفو قطعا في المقام ، بل وذلك ممّا يتعاطونه أهل الأسواق من العوام.
فلا حاجة إلى تصرّف في الأخبار بحمل الدالّة منها على العقاب على صورة بقاء القصد والعجز عن الفعل لا باختياره ، وأخبار العفو على من ارتدع عن قصده بنفسه ، كما يومئ إليه بعض الأخبار المتقدّمة ، كقول الصادق عليهالسلام : « إنّ المؤمن يهمّ بالسيّئة أن يعملها فلا يعملها فلا يكتب عليه » (٢) فإنّه ظاهر في أنّه لا يعملها اختيارا بارتداعه عن قصده بنفسه. أو بحمل الأخبار المحرّمة
__________________
(١) قرب الإسناد : ٤٨ ، الحديث ١٥٨. والوسائل ١ : ٤٠ ، الباب ٦ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٢١.
(٢) الوسائل ١ : ٣٦ ، الباب ٦ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٧.