قلنا : حرمة البيع إنّما هو بواسطة عدم وقوع المنكر في الخارج ، وهو أمر واحد يجب على عامّة المكلّفين دفعه على وجه الاجتماع ، لعدم الاقتدار عليه إلاّ بالاجتماع ، فإذا علم واحد بعدم الاجتماع أو شكّ فيه علم بعدم الاقتدار أو شكّ في الاقتدار ، وعلى الوجهين لا دليل على المنع ، أمّا على الأوّل فظاهر ، وأمّا على الثاني فللتعويل على أصالة عدم الاجتماع الخارجي في المقام من غير توقّف على فحص على تقدير قياسه بسائر الاصول المعمولة في تشخيص الموضوعات. لكنّه لا يخلو عن تأمّل.
نعم ، لو كان ذلك مطلوبا من كلّ أحد على وجه الاستقلال كأن يكون المطلوب امورا متعدّدة ، لم يحسن الاعتذار.
وأمّا الرواية المذكورة ، فبعد ما عرفت من إمكان دعوى القطع على عدم وجوب الردع في جميع مراتبه ، لا بدّ أن يحمل على حرمة إعانتهم بالامور المذكورة (١) فيها ، وقد قرّر في محلّه حرمة إعانة الظلمة حتّى في المباحات ، فضلا عن جباية الصدقات وإعطائها عليهم وحضور الجماعات.
وفذلكة المرام من البداية إلى النهاية : أنّه لا إشكال في حرمة الإعانة على وجه الإجمال. كما لا إشكال في صدقها عند القصد إلى المعان عليه من غير فرق في ذلك بين إيجاد العلّة التامّة للمعان لو فرض أو السبب أو الشرط أو غيره من وجوه ما يتوقّف عليه الشيء. وعدم صدقها عند عدم القصد إليه ، من غير فرق بين الأقسام أيضا ، إلاّ أنّ فرض عدم القصد مع إيجاد السبب والعلّة بعيد ؛ ولذا يستكشف من إيجادهما القصد ، فيحكم بكونه إعانة من غير توقّف على الترتّب أو العلم بالترتّب أو العلم بالمدخليّة ، بل يكفي احتمال الترتّب والمدخليّة. ومن غير فرق أيضا في ذلك بين الإعانة على فعل المقدّمات وغيرها ؛ إذ ما لم يرجع إلى القصد بفعل المحرّم الواقعي لم يحرم ، ومع رجوعه إليه كان الفرق لغوا.
__________________
(١) في ( ع ) ، ( م ) : حرمة الهمّ بالمذكورة.