فيهما التخيير ، فيفعل المكلّف ما شاء. وهذا معنى الرخصة في الفعل ـ أي فعل ضدّ المأمور به ـ المنافية للنهي التضييقي التعييني.
هذا ويمكن أن يقال بما ذهب إليه جماعة من الاصوليّين من : أنّ التخيير في النواهي غير جائز ، بمعنى أنّه ليس حال النهي والأمر في الانقسام إلى التخييري والتعييني سواء ، لأنّه لا مانع من أن يكون المأمور به أحد هذه الامور على سبيل البدليّة والتخيير كالخصال ، ولكن المنهيّ عنه لا يجور أن يكون كذلك ، لأنّ النهي عن أحد هذين الأمرين أو الامور يستلزم تحريم الجميع.
وهذا المذهب وإن كان سخيفا مختار المعتزلة (١) ، إلاّ أنّه به يتعيّن كون محلّ النزاع ما ذكره ، إذ الموسّعان والمضيّقان لا يكون فيهما نهي على هذا المذهب ، لعدم جواز النهي عن الضدّ في وقت ما (٢) في الموسّعين أو عن ضدّ ما (٣) في المضيّقين.
وكيف كان ، فلا إشكال في سريان النزاع إلى سائر أقسام الواجبات : من العيني والكفائي ، والتخييري والتعييني ، والنفسي والغيري ، والتعبّدي والتوصّلي ، والأصلي والتبعي ، بمعنى أنّ المضيّق من هذه الواجبات يقتضي النهي عن الموسّع منها ، سواء كانا متجانسين بأن دار الأمر بين المضيّق والموسّع من العيني والكفائي ...
وهكذا مثلا ، أو مختلفين بأن كان المضيّق من العيني مثلا والموسّع من الكفائي أو التخييري وبالعكس ، فإنّه على القول بالاقتضاء وعدمه فهذه الواجبات متساوية الأقدام. ولعلّ إطلاق كلام الفاضل القمّي رحمهالله يشملها أيضا.
وثانيا : بأنّ حصول النزاع فيما إذا كان الضدّ من الواجبات الموسّعة غير جيّد ، لأنّهم يتفرّعون (٤) على هذه المسألة حرمة السفر وفساد المعاملات مع عدم
__________________
(١) كما حكى عنهم الآمدي في الإحكام ١ : ١٥٧ ، والشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٥٣.
(٢ و ٣) في ( ع ) كتب فوق « ما » : كما.
(٤) كذا ، والمناسب : « يفرّعون ».