فلو كان دليل الواجب في كمال الضعف بالنسبة إلى فعل الضدّ كان كما لو تساويا في القوّة والاعتبار. وهذا واضح.
وثانيا : أنّ الغرض في عنوان هذه المسألة معرفة التنافي والمضادّة بين الأمر بالمضيّق والأمر بالموسّع ، فلا بدّ أوّلا من معرفة منافاتهما ثمّ الرجوع إلى الأدلّة في مقام العلاج بطرح ما كان دليله ظنّيا ، إلاّ أن يجعل الفرق بين القطعي والظنّي رفعا للمنافاة في صورة التساوي مثلا ، بأن يقال : إنّهما إذا كانا ظنّيين ـ مثلا ـ فلا يقتضي الأمر بالمضيّق منهما للنهي عن الموسّع ، أعني أنّه لا منافاة بينهما ، لأنّ المنافاة وعدمها لا يختلفان باتّفاق الدليلين في الاعتبار والقوّة واختلافهما ، فإن كان بين الأمر المضيّق والموسّع مضادّة فسواء كان دليلاهما قطعيّين أو ظنّيين أو مختلفين فهي ثابتة بينهما ، وإلاّ فلا وجه لملاحظة حال الدليلين في مسألة اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضدّ ، بل هو كلام في غاية البعد من الصدور عن الأفاضل ، ولذا تجد الكتب خالية عنه.
وكيف كان ، فالدليل على تقديم الأهمّ من المضيّقين على الآخر تتبّع أحوال الشارع وحكم العقل بذلك وقاعدة الاشتغال السارية في جميع المقامات التي يدور الأمر فيها بين التخيير والتعيين.
ودعوى صاحب الوافية أنّ الحقّ هو التخيير (١) أيضا فاسدة جدّا بعد العلم الضروري بأنّه إذا دار الأمر بين حفظ نفس الإمام وحفظ غيره فالأوّل أهمّ عند الشارع المقدّس وأوجب. اللهم إلاّ أن يكون مراده بالأهمّ ما هو راجح في نظر المكلّف لا في نظر الشارع ، فإنّ الرجحان الذي يراه المكلّف من دون استناده إلى ما يرجع إلى الشرع غير معتنى به جدّا ، فلا يحكم بالترجيح بل بالتخيير.
__________________
(١) الوافية : ٢٢٣.