وطريق معرفة الأهمّية : تتبّع كلمات الشارع والآثار المترتّبة من قبله على ترك الواجب أو فعل الحرام ، فإنّا إذا رأيناه قد حكم بفسق الكاذب وكفر قاتل النبي صلىاللهعليهوآله علمنا أنّ حفظ نفسه الشريفة أهمّ في نظره المقدّس من الاجتناب عن الكذب. والظاهر أنّ الظنّ بالأهمّية كاف في الحكم بالتخيير ؛ لأنّ العقل وقاعدة الاشتغال أيضا ناهضان على الحكم بذلك ، بل لا يبعد الحكم بالتعيين بمجرّد احتمال الرجحان والأهمّية ولو لقاعدة الاشتغال المزبورة السليمة عن المعارض.
ثمّ المرجّح فعلا يقتضي وجوب الترجيح بل استحبابه ، ومنه ما لو دار الأمر بين الاجتناب عن سبّ الإمام ـ عليه آلاف التحية والسّلام ـ وحفظ نفس آدميّ ، فإنّه مقام التخيير بين الأمرين على ما عزي (١) إلى أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ مع استحباب مراعاة حفظ النفس ، سيّما في حق قدوة الناس ورئيسهم. ولا يتوهّم المنافاة بين قولنا بالترجيح الاستحبابي وقولنا المقدّم : من الحكم بالترجيح عند احتمال الرجحان ، لأنّ الفرق بين احتمال وجود الرجحان الملزم وبين القطع بعدمه ولوجود الرجحان الغير الملزم ما بين الأرض والسماء. وأمّا إنكار حسن الترجيح واستحبابه رأسا فممّا لا يصغى إليه لمكاذبته للوجدان والتتبّع.
__________________
(١) لم نعثر عليه.