الموانع والنواقض بالنسبة إلى الآخر ، كمبطلات الصلاة ونواقض الطهارة وروافع الأحداث وموانع العقد ونحو ذلك. وإطلاق الضد على هذه الامور لا يخلو عن إشكال ومسامحة ، لأنّ نسبة كلّ واحد من الضدّين مثل نسبة الآخر إليه ، والأمر فيها ليس كذلك ، إذ المانع علّة لعدم الممنوع دون العكس ؛ مضافا إلى إشكال تصوير تواردهما على محلّ واحد ، فليتدبّر جدّا.
ومنها : أحد الأفعال الوجوديّة المنافية للمأمور به ، ويسمّونه بـ « الضدّ العامّ » ، وإطلاق الضدّ عليه أيضا خال عن حزازة ، بل هذا في الحقيقة راجع إلى الأوّل.
ومنها : الترك ، ويسمّونه بـ « الضدّ العامّ » أيضا ، وهذا أشهر وأصحّ. وإطلاق الضدّ عليه لا يخلو عن مناقشة ، لأنّ الترك أمر عدميّ والمأخوذ في الضدّ المصطلح أن يكون أمرا وجوديّا كما مرّ ، فهو نقيض للفعل لا ضدّ له ، ولو جعل الترك عبارة عن اختيار العدم لكان وجها ، لأنّ هذا الاختيار أمر وجوديّ مضادّ للفعل الذي هو عبارة عن اختيار الوجود. وعلى هذا يتصوّر الواسطة بين الفعل والترك ، وهي ما إذا ترك الفعل لا عن اختيار ، فإنّه ليس من الترك المفسّر باختيار العدم. ولا يرد أنّ هذا النحو من الترك أيضا نقيض للفعل ، لأنّ نقيض الوجود العدم ، والعدم قد يكون مسبوقا بالاختيار وقد لا يكون كذلك ، فالأوّل أيضا فرد من أفراد مطلق العدم الذي هو نقيض للوجود وفرد النقيض نقيض ، لأنّ الاختيار أمر وجوديّ لا يجوز جعله فردا من العدم المطلق الذي هو نقيض للوجود ، وكون المختار هو العدم لا يجعل نفس الاختيار عدميّا. وعلى أيّ حال فإن فسّرنا الترك بنفس « لا يوجد » كان نقيضا للفعل جدّا ، وإن فسّرنا باختيار عدم الإيجاد أمكن جعله من الضدّ المصطلح.
قيل : ولقد استراح من جعل الترك بمعنى الكفّ ؛ لكونه من الامور الوجوديّة التي لا تجتمع مع الفعل أبدا في محلّ واحد (١).
__________________
(١) راجع الفصول : ٩١.