عنهم وعن غيرهم (١) ـ ذهبوا إلى فوريّة القضاء وفساد الحاضرة قبل الإتيان بالفائتة مستندين إلى أخبار دالّة على وجوب المسارعة إلى الفائتة (٢) ، ولم يعترض عليهم أحد من المتأخّرين القائلين بعدم الفساد : بأنّ النهي عن الضدّ المتولّد من الأمر لا يقتضي الفساد ، بل أجابوا عنها بقدح الدلالة على الفوريّة أو بقدح السند.
فلذا قد صرّح المحقّق في محكيّ المعتبر بأنّ القول بالمضايقة يقتضي الحكم بتحريم جميع الأشياء ، قال فيما حكى عنه : إنّ القول بالمضايقة يلزم منه منع من عليه صلوات كثيرة أن يأكل شبعا وأن ينام زائدا على الضرورة ولا يتعيّش إلاّ لاكتساب قوت يومه له ولعياله وأنّه لو كان معه درهم ليومه حرم عليه الاكتساب ، والتزام ذلك مكابرة صرفة والتزام سوفسطائي. ولو قيل : قد أشار أبو الصلاح الحلبي إلى ذلك (٣) ، قلنا نحن نعلم من المسلمين كافّة خلاف ما ذكره ، فإنّ أكثر الناس يكون عليهم صلوات كثيرة ، فإذا صلّى الإنسان شهرين يومه استكثره الناس (٤) ، انتهى.
ويستكشف من كلامه هذا أنّه لا مناص من الحكم بفساد الحاضرة قبل الفائتة على القول بالمضايقة ، مع أنّ اقتضاء النهي المتولّد من الأمر المضيّق الفساد لو كان عندهم محلّ مناقشة لكان الإشارة إلى منع الفساد من أمتن الدليل على الصحّة. اللهم إلاّ أن يكون نظرهم في خصوص حرمة الضدّ من الواجبات والمباحات ، لا في صحّته وفساده إذا كان من العبادة.
__________________
(١) مثل ابن أبي عقيل والإسكافي ، كما حكى عنهما العلاّمة في المختلف ٣ : ٤.
(٢) راجع الوسائل ٣ : ١٧٤ ، الباب ٣٩ من أبواب المواقيت ، الحديث ١ و ٢ و ٤ و ١٦ والصفحة : ٢٠٩ ، الباب ٦٢ من الأبواب ، الحديث ٢ و ٥ والصفحة : ٣٤٧ ـ ٣٥٠ ، الباب ١ و ٢ من أبواب قضاء الصلوات وغيرها.
(٣) انظر الكافي في الفقه : ١٥٠.
(٤) المعتبر ٢ : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.