قال في كشف الغطاء في البحث عن المقدّمات : انحصار المقدّمة في الحرام بعد شغل الذمّة لا ينافي الصحّة وإن استلزم المعصية (١). ومراده أنّه إذا عصى بترك المأمور به المضيّق ـ مثلا ـ فأتى بالضدّ فلا ينافي ذلك صحّة ذلك الضدّ إذا كان من العبادات.
قال : وأيّ مانع من أن يقول الآمر المطاع لمأموره : « إذا عزمت على معصيتي في ترك كذا افعل كذا » كما هو أقوى الوجوه في حكم الجاهل بالقصر والإتمام ، فاستفادته من مقتضى الخطاب لا من مقتضى الدخول تحت الخطاب ، فالقول بالاقتضاء ـ أي اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه وعدم الفساد ـ أقرب إلى السداد (٢) انتهى.
وقد ذكرنا هذه العبارة وغيرها في بحث مقدّمة الواجب وبيّنا فسادها وفساد ما قيل في توجيهها وتشييدها من كلمات الشيخ في الحاشية وأخيه في الفصول بيان مشبع (٣) ، فلا نطيل بذكر ما فيها هنا ، بل نشير إجمالا إلى حاصل كلام الفاضل المحشّي ونجيب عنها ، وحاصل كلامه :
أنّ تصادم الأمرين المضيّقين من المستحيلات الأوّليّة ، ولكن مصادمة الأمر المضيّق والأمر الموسّع لا ضير فيها ، لأنّ مرجعه إلى وجوب الموسّع على تقدير العصيان في ترك المضيّق ووجوب المضيّق مطلقا ، وهذا لا عيب فيه ، لأنّه ليس من التكليف بالأمرين في آن واحد ، ولا من التسوية بين المضيّق والموسّع في الوجوب ، بل هو تقديم للمضيّق على الموسّع ثمّ بقاء وجوب الموسّع على تقدير العصيان بترك
__________________
(١) كشف الغطاء ١ : ١٧١.
(٢) نفس المصدر.
(٣) اشارة إلى ما كتبه هذا المقرّر في بحث مقدمة الواجب ولا يوجد لدينا.