وثانيا بالحل ، وهو : أنّ ما ذكره من تطابق العقل والشرع والعرف في إيجاب التهيّؤ للواجب والتوصّل بترك فعل الضدّ ولو رفع التمكّن لفعله (١) دليل القول باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن الضدّ مطلقا ؛ لأنّ ترك الأضداد تهيّؤ لفعل الواجب. ومن يقول بوجوب المقدّمة فهو قائل بوجوب ترك الضدّ من باب المقدّمة بعد تسليم كون الترك من مقدّمات الفعل لا من المقارنات ، فيكون الأمر بالشيء مقتضيا للنهي عن الضدّ ، إذ لا نعني بالنهي إلاّ ما كان تركه واجبا مطلقا ، من غير فرق بين الرافع للتمكّن وغيره ، لأنّ النظر الدقيق يرى جميع الأضداد رافعة للتمكّن. كيف لا! ومن الواضحات استحالة اجتماع الضدّين وعدم تمكّن وجود أحدهما في آن وجود الآخر. وأمّا صيرورة بعض الأضداد رافعا للتمكّن إلى انقضاء وقت الواجب دون بعض فلا ربط له بأطراف مسألتنا هذه. ومن لا يقول بوجوبها أو يقول به ولكن يمنع عن كون الترك مقدّمة للفعل ـ كالسلطان (٢) ـ فهو إمّا يمنع عن حكم العقل والشرع والعرف بوجوب التهيّؤ إن كان من منكري وجوب المقدّمة ، أو يمنع عن كون ترك الضدّ ـ رافعا كان أو غير رافع ـ من التهيّؤ والتوصّل ، بدعوى كون التهيّؤ إنّما هو انتفاء الصارف الذي يحرّك إلى فعل الواجب وترك أضداده.
وأمّا ما ذكره من اقتضاء إناطة الحكم بالمصالح تحريم ما يقتضي رفع التمكّن من فعل الواجب ، فمع كونه عبارة اخرى عن القول بحرمة سبب الحرام ـ وحرمته بسبب فوات المصلحة ـ مشترك الورود بين الضدّ الرافع والغير الرافع ، لما عرفت من كونهما رافعين معا ؛ وكذا ما ورد من النهي عن دخول البحر قبل الصلاة ، فإنّه لو دلّ
__________________
(١) في ( ع ) ، ( م ) : « للتمكّن بعينه » والعبارة مشوّشة.
(٢) حاشية سلطان العلماء : ٢٨٢ ـ ٢٨٣.