ثمّ إنّ الأمر والنهي ظاهران في الإلزاميّين منهما ، إلاّ أنّ المناط فيهما موجود في غير الإلزاميّين أيضا ، ومن هنا يتخيّل عموم النزاع ، وليس بشيء.
وهل المراد بالأمر والنهي الإلزاميّين جميع أقسامهما من العينيّين والتخييريّين والمختلفين والكفائيّين وغير ذلك ، أو يختصّ ببعض الأقسام؟
وتفصيل القول في المقام هو : أنّه لا إشكال عندهم في خروج العينيّين من هذا النزاع ، كما هو صريح كلّ من خصّ النزاع بما إذا كان للمكلّف مندوحة في الامتثال (١) دون ما إذا لم يكن مندوحة ، كمن توسّط أرضا مغصوبة ، وإن فرّط بعض المجوّزين حيث قال بالجواز فيه أيضا (٢). والحق أنّه ليس تفريطا بل هو قول بمقتضى مذهبه ، وإن كانت تلك المسألة خارجة عمّا نحن بصددها. كما أنّهم أيضا عنونوها بعد هذه المسألة ، كما ستعرفه.
وأمّا الأمر والنهي التخييريّين : سواء كان التخيير فيهما عقليّا أو شرعيّا ، فلا ينبغي التأمّل في جواز اجتماعهما ، كما في الأمر بتزويج إحدى الاختين والنهي عن الاخرى ، فإنّ مرجع ذلك إلى وجوب إحداهما والنهي عن الجمع ، هذا في الشرعي. وأمّا في العقلي كما لو فرض تعلّق الأمر بطبيعة باعتبار فرد والنهي عنها باعتبار فرد آخر ، إذ مرجعه إلى وجوب أحد الأفراد والنهي عن إلحاقه بفرد آخر.
وأمّا الأمر العيني والنهي التخييري : كأن يأمر بتزويج إحداهما عينا وينهى عنهما تخييرا ، فلا ينبغي التأمّل في عدم الجواز ، لكنّه ليس من المجوّز التزامه فيه أيضا بعيدا ، إذ لا مائز حقيقة في البين.
وأمّا الأمر التخييري والنهي العيني : فهو من محلّ النزاع إذا كان التخيير
__________________
(١) مثل الفاضل الأصفهاني في الفصول : ١٢٤.
(٢) لم نعثر عليه.