عقليّا ، وأمّا إذا كان شرعيّا فعلى تقدير تعلّق الطلب بكلّ واحد من الواجبين التخييريّين كأن يكون الطلب في أحدهما بدلا عن الطلب في الآخر ـ كما هو مذهب المعتزلة والإماميّة في الواجب التخييري (١) ـ فلا إشكال في عدم الجواز ، فإنّ مناط الامتناع في الواجب العيني موجود فيه أيضا. وأمّا على تقدير تعلّق الطلب بواحد ـ كأن يكون المطلوب بدلا عن مطلوب آخر ـ فمرجعه إلى التخيير العقلي ، إذ المطلوب هو القدر المشترك أيضا. ويحتمل دخوله في محلّ الكلام.
وأمّا العينيّان في قبال الكفائيّين : فلا يفرق فيه الكلام كالكفائيّين ، إلاّ أنّه هنا شيء لا بأس بالتنبيه عليه ، وهو أنّه في الواجب الكفائي لا يلاحظ فيه حال المكلّفين ، بمعنى أنّه لو قلنا بوجوب غسل الميّت موافقا كان أو مخالفا على سبيل الكفاية لا وجه للقول بحرمته العيني أو كراهته ، فإنّ ذلك من اجتماع الحرمة العينيّة مع الوجوب العيني في قبال الوجوب والتحريم التخييريّين. وقد عرفت أنّه لا كلام في خروجه عن محلّ النزاع.
ومن هنا يظهر الإشكال في حكمهم بكراهة تغسيل المخالفين بعد القول بوجوب غسلهم (٢) ، وحكمهم بكراهة القضاء بين الناس لمن لا يثق بنفسه (٣) ، فإنّ الإشكال فيهما زائد على الإشكال في مطلق العبادات المكروهة ؛ لأنّ الأمر فيها تخييري بخلاف الأمر فيهما ، فإنّه عينيّ وإن كان كفائيّا ؛ ولذلك قد يجاب عنه بما لا يجاب به فيها : من أنّ المكروه فيهما هو المبادرة إليهما مع وجود من يقوم بالواجب
__________________
(١) انظر هداية المسترشدين ٢ : ٢٨٨.
(٢) انظر الشرائع ١ : ٣٧ و ٣٩ ، والقواعد ١ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
(٣) لم نعثر عليه بعينه. نعم ، ذكر في الشرائع ( ٤ : ٦٨ ) : « الثانية : تولي القضاء مستحب لمن يثق من نفسه بالقيام بشرائطه ».