المدار على التعدّد الذهني فقط وإن انحصر مفهوم أحدهما في مصاديق الآخر (١). ولعمري! إنّه أخذ بلوازم مذهبه في الواقع ، كما ستعرف.
وأمّا القسم الثاني ـ وهو العموم المطلق ـ فقد يظهر من المحقّق القمّي رحمهالله أنّه خارج عن محلّ الكلام ، وجعل ذلك مناط الفرق بين هذه المسألة والمسألة الآتية من اقتضاء النهي الفساد (٢).
واعترض عليه بعض الأجلّة (٣) : بأنّه لا وجه للتخصيص بذلك ؛ فإنّ أدلّة المجوّزين والمانعين يجري في العموم والخصوص المطلق ، ومجرّد كون المثال من العموم من وجه لا يقضي باختصاص البحث به بعد شمول العنوان والأدلّة لغيره أيضا. وجعل مدار الفرق بين المسألتين بأنّ الطبيعتين إن اتّحدتا حقيقة وتغايرتا اعتبارا بمجرّد الإطلاق والتقييد ـ بأن تعلّق الأمر بالمطلق والنهي بالمقيّد ـ فهو من المسألة الثانية ، وإلاّ فمن محلّ الكلام.
ولعلّ مراده أنّ مناط الفرق هو اتّحاد متعلّق الطلب وتعدّده ، كما في قولك : « صلّ ولا تغصب » ، « صلّ ولا تصلّ في الدار المغصوبة » فإنّ الأوّل لكون المفهومين فيه متعدّدا يكون من محلّ الكلام ، والثاني لاتّحادهما يكون من المسألة الآتية. ولا فرق في ذلك بين كون النسبة عموما مطلقا ـ كما عرفت ـ أو عموما من وجه كقولك : « صلّ صلاة الصبح ، ولا تصلّ في الدار المغصوبة ». كما أنّه لا فرق في محلّ الكلام بين كون النسبة عموما من وجه كما عرفت ، أو عموما مطلقا كقولك : « صلّ ولا تغصب حال الصلاة ». نعم ، يمكن إرجاع كلّ من الموردين إلى الآخر
__________________
(١) القوانين ١ : ١٤٠.
(٢) انظر القوانين ١ : ١٤٧.
(٣) الفصول : ١٣٤.