فإن قيل : إنّ الوجه في التخصيص في المقام هو امتناع اجتماع الطلبين على وجه لو فرض ارتفاع الطلب من طرف ـ كما لو وقع المحرّم سهوا أو نسيانا (١) ـ لم يكن مانع من ترتيب الأثر على الطرف الآخر ، فيحكم بالصحّة. وليس التخصيص شرعيّا ، إذ على تقديره يلزم فساد الفرد الجامع للعنوانين على تقدير تقديم النهي ، من جهة عدم الأمر ، لا بواسطة امتناع اجتماع الطلبين ، ويلزم من ذلك بقاء المصلحة على تقدير (٢) ارتفاع الطلب.
قلت : فعلى ذلك ، فهو جار في مثل قولنا : « أكرم عالما ولا تكرم الفاسق » مع أنّه على تقدير التخصيص لا يعلم ببقاء المصلحة في الفرد الخارج. والوجه في ذلك : أنّ وجه التخصيص ليس إلاّ التضادّ الواقع بين الأمر والنهي في الفرد الجامع ، والمفروض أنّ ذلك لا يقضي إلاّ بعدم تعلّق الطلب بالفرد الذي تعلّق طلب مناقض له به ، فلنا أن نحكم ببقاء المصلحة بعد ارتفاع الطلب ، وقد عرفت فساده.
وثالثا (٣) : أنّ قضيّة اللطف ومراعاة المصالح والمفاسد هو اختصاص الأمر في أمثال هذه الموارد بالفرد الغير المشتمل على المنقصة ؛ لأنّ في الأمر به تفويتا للزائد من دون انجبار ، إذ المفروض حصول مصلحة الأمر في الفرد الخالي عن المنقصة أيضا.
ويمكن دفعه : بأنّ التنبيه على تلك المنقصة والأمر به موافق للّطف ، لاحتمال الانحصار فيه ، فعلى تقدير عدم الأمر يكون ذلك تفويتا في حقّه ، اللهم إلاّ أن يقال : إنّ ذلك يحصل في الأمر به على وجه الترتيب ، فتأمّل.
__________________
(١) في ( م ) زيادة : أو مضطرّا.
(٢) في ( م ) زيادة : تقديم النهي.
(٣) عطف على قوله : « أوّلا » في الصفحة ٦٢١.