الثاني من وجوه الحلّ (١) : ما وجدناه في الرسالة المنسوبة إلى بعض سادات مشايخ مشايخنا ، وحاصله : أنّ النهي في العبادات المكروهة متعلّق بالوصف أعني خصوصيّة الفرد مثل « وقوعها في الحمّام » ومتعلق الأمر هو الطبيعة ، فيختلف مورد الأمر والنهي.
واستند في ذلك بما محصّله : أنّ متعلّق الأوامر على ما هو التحقيق هو الطبائع دون الخصوصيّة والأفراد ، فيكون الأمر نصّا في طلب الماهيّة. بخلاف النهي ، فإنّه في معنى السلب ، وسلب المركّب عن الطبيعة والخصوصيّة قد يكون برفع الجزءين ـ أعني الماهيّة والخصوصيّة ـ معا ، وقد يكون برفع أحدهما ، كما هو الشأن في رفع المركّبات ، فيكون تعلّقه بالطبيعة ظاهرا لا نصّا ، ومن القواعد المقرّرة وجوب صرف الظاهر بالنصّ حيثما يقع التعارض بينهما.
وفيه ، أوّلا : أنّ الإشكال المذكور إنّما هو وارد على المانع من اجتماع الأمر والنهي ، والتفكيك بين خصوصيّة الفرد والطبيعة إنّما يلائم مذاق المجوّز ، كما هو ظاهر.
وثانيا : أنّ الاستدلال المذكور ممّا لا مساس له بالدعوى المذكورة ، إذ لا كلام لنا الآن في أنّ النهي كيف يقدّم على الأمر ، حتّى يقال : بأنّ النهي نصّ ويجب صرف الظاهر به. وليت شعري! ما المناسبة بين قاعدة انتفاء المركّب بانتفاء جزئيه معا أو أحدهما وبين ما نحن فيه؟
وثالثا : أنّ الخصوصيّة إن لم تكن راجعة إلى عنوان مغاير لعنوان الفعل لا يكون إلاّ نحو وجود الماهيّة ، فإنّ وجودات الأشياء هي التي بها يظهر آثار الماهيّات وخواصّها المطلوبة منها ، فتكون وعاء لآثارها كالحسن والقبح والحلاوة
__________________
(١) عطف على قوله : « الأوّل » في الصفحة ٦١٨.