المسألة الآتية من اقتضاء النهي الفساد ، كما ستعرف الحقّ إن شاء الله تعالى.
وإمّا أن لا يكون ذلك النهي تحريميّا بل هو نهي تنزيهيّ ، فيكون ناظرا إلى عدم استواء تلك الأفراد التي يقع بها الامتثال عن تلك الماهيّة في الأجر والثواب والمترتّب على تلك الماهيّة. كما أنّ الحقّ أنّ النهي التحريمي المتعلّق بفرد من العبادة ـ كالنهي عن الصلاة في الحرير ـ يستفاد منه مجرّد المانعيّة ولا يستفاد منه في العرف التكليف ، فيكون الفرد المنهيّ عنه حراما من جهة التشريع ، وليس من المحرّمات الذاتيّة.
وإذ تمهّد هذا ، فنقول : إنّ تلك النواهي ليست على حقائقها المصطلح عليها من رجحان الترك ومرجوحيّة الفعل ، بل إنّما هي إرشاد إلى أنّ تلك الأفراد أقلّ ثوابا عن الأفراد الأخر ، وليس خاليا عن معنى الطلب ـ كما توهّمه بعض الأجلّة (١) ـ بل مفاد الأمر والنهي الإرشاديّين هو الطلب ـ والداعي إليه هو بذل النصح للمطلوب منه وإراءة طريق له إلى اختيار الفرد الكامل في مقام الامتثال ليتوصّل به إلى الفوز بأعلى مراتب الثواب المقرّر لتلك الماهيّة.
فإن قلت : فما تقول في دفع ما اورد على الجواب المذكور من عدم الانضباط وكراهة العبادات الناقصة الثواب؟
قلت : ليس مجرّد قلّة الثواب منشأ للكراهة ، بل كان ذلك بواسطة وجود مانع عن ترتّب الثواب المقرّر لتلك الماهيّة.
وتوضيح ذلك : أنّ لماهيّة الصلاة قدرا معيّنا من الثواب يترتّب على الامتثال بها عند إيجاد أفرادها ، وقد يكون لتلك الماهيّة باعتبار وجود خاصّ لها ثوابا زائدا على ما هو مقرّر للماهيّة في ضمن وجوداتها الآخر ، وقد يكون لها باعتبار
__________________
(١) انظر الفصول : ١٣١ و ١٣٣.