انوجادها (١) بوجود مخصوص ثواب أقلّ من الثواب المقرّر للماهيّة ، ولا بدّ أن تكون تلك الزيادة والنقيصة باعتبار انضمام حيثيّة خارجة عن حقيقة العبادة لازمة للوجود الخاصّ الذي به يتحقّق تلك الماهيّة ، فيكون الزيادة بواسطة تلك الحيثيّة ، وكذلك النقيصة. فإن لم يكن وجود تلك الماهيّة ملازما لحيثيّة منقّصة أو مرجّحة ، فإيجاد الماهيّة بهذا الوجود يعدّ من الأفراد الغير مكروهة (٢) والمستحبّة ، وإيجادها بالوجود الملازم لتلك الحيثيّة المنقّصة ـ كإيجاد الصلاة في الحمّام ـ يعدّ مكروها ناقص الثواب بواسطة وجود المانع ، وإيجادها بالوجود الملازم لحيثيّة مرجّحة يعدّ مستحبّا زائد الثواب بواسطة وجود مقتضي الزيادة مع عدم ما يقتضي النقصان ، فليس كلّ ما هو ناقص الثواب مكروها حتّى يرد النقض بالصلاة في البيت والمسجد بالنسبة إلى الفرد الكامل ، ولا كلّ ما هو زائد الثواب مستحبّا حتّى يرد النقض أيضا بالصلاة في البيت بالنسبة إلى الصلاة في الحمّام ، بل النقصان لو كان بواسطة وجود المانع فهو المكروه ، والنقصان في الصلاة في البيت بواسطة عدم المقتضي لا بواسطة وجود المانع. والزيادة لو كان منشؤها وجود مقتضي الزيادة كان مستحبّا ، لا فيما إذا كانت الزيادة مستندة إلى عدم المانع ، كما في الصلاة في البيت.
وحينئذ يندفع المحذور بحذافيره ، ولا يرد عليه شيء من الإيرادات السابقة ؛ لعدم ابتنائه على المصالح والمفاسد ، ولا يلزم استعمال النهي في الإخبار فإنّ الإرشاد من المعاني المتعارفة ، ولا يلزم عدم الانضباط لوجود المعيار في البين ، وليس الأمر بالكلّي خلاف اللطف كما عرفت فيما تقدّم ، ولا يلزم اجتماع الأمر والنهي في مورد واحد إذ النهي الإرشادي المسوق لبذل النصح وصلاح المسترشد ليس من الطلب
__________________
(١) لا تخفى غرابة هذا الاستعمال.
(٢) كذا ، والصواب : غير المكروهة.