الحقيقي المناقض للأمر. نعم ، ذلك لا يتأتّى في العبادة التي يعلم بعدم زيادة ثوابها على القدر المترتّب على واجبها ، ولا يعلم بمثلها في العبادات المكروهة. واحتمال كون بعضها كذلك لا يجدي ؛ للنقض أوّلا إذ مورد النقض ينبغي أن يكون معلوما كما هو ظاهر ، وهو مدفوع ثانيا بما ستعرف : من أنّ العرف قاض بحمل النهي الوارد في مقام توهّم الاستواء على ما ذكرنا من القلّة.
وأمّا ما أورده المحقّق القميّ رحمهالله على الجواب (١) المذكور : من الترديد بين كون الأقلّ ثوابا مطلوب الفعل أو مطلوب الترك أو مطلوبهما (٢) ، فنختار الأوّل. قوله : « فليس بمكروه » إن أراد منه المعنى المصطلح عليه فهو غير مفيد ، وإن أراد منه المعنى الذي حاولناه فهو غير سديد.
وبالجملة ، فما ذكرنا في توجيه العبادة المكروهة هو المطابق للنصوص الواردة في مقام كراهة العبادات ، ولكلمات الفقهاء في بيانها أيضا كاستحبابها وإباحتها ، ولم نجد موردا ينافي ذلك. فعليك بالتأمّل في مواردها والتتبّع في مطاويها حتّى يظهر لك صدق المقال وحقيقة الحال ، فتدبّر.
ثمّ إنّه لو ظهر رجوع النهي إلى إحدى المراتب المستفادة من الأمر وعلمنا به فهو ، وإلاّ فعند الشكّ فهل يحكم بالتحريم ويتبعه الفساد على القول بامتناع الاجتماع ، أو بالفساد فقط ، أو بالكراهة بالمعنى المصطلح عليه ، فيحكم بعدم الصحّة على القول بامتناع الاجتماع ، أو بالكراهة بالمعنى المذكور؟ وجوه ، أظهرها الثاني ؛ لأنّ الكراهة بالمعنيين خلاف ظاهر النهي ، والتحريم وإن كان مفاد النهي إلاّ أنّ المستفاد من النهي الوارد بعد توهّم الصحّة المستفادة من الإطلاق هو الفساد ، كما
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) بدل « الجواب » : الجواز.
(٢) القوانين ١ : ١٤٤ ، وفيه بدل « مطلوبهما » : مجتمعهما.