لمطلق (١) الصوم في السفر والصلاة في الأوقات المكروهة ونحوها ، فإنّ ظاهر النهي المتعلّق بها مطلوبيّة الترك على وجه الإطلاق.
قلت : بعد الغضّ عن إمكان انتزاع عنوان مكروه كالتشبيه (٢) بعبدة الشمس للصلاة وقت الطلوع مثلا ونحوه في جميع الموارد كما لا يخفى ، نقول : إنّ صريح العقل قاض بوجود عنوان مكروه ملازم لهذه العبادات بعد ملاحظة الامتناع ، فلا حاجة إلى معرفته تفصيلا.
لا يقال : فعلى ما ذكر لا حاجة إلى الأمر بالفعل المذكور والنهي عنه ، إذ المكلّف إمّا أن يفعل ذلك أو لا يفعل ، وعلى التقديرين فيفوز بالمصلحة المودعة في الفعل أو الترك.
لأنّا نقول : لعلّ وجه الأمر والنهي هو أن يكون الفعل والترك بداعي الأمر والنهي لحصول الامتثال. وليس المفيد في المقام هو القربة كما زعمه بعض الأجلّة (٣) ، بل المفيد هو العنوان الخارج الملازم ، والقربة إنّما هي معتبرة فيه.
فإن قلت : إذا كان ذلك العنوان الملازم منهيّا عنه ـ كمخالفة الأب وترك الإجابة ونحو ذلك ـ فيصحّ ما ذكر من أنّ الوجه في الأمر والنهي وجودهما بداعي الأمر ، وأمّا إذا لم يكن مأمورا به بل ولا معلوما فكيف يحصل معه الامتثال؟
قلت : وجود النهي كاشف ، ولا حاجة إلى العلم بالعنوان تفصيلا ، فيكفي ترك العبادة من حيث اقترانها بعنوان محبوب واقعا وإن لم يعلم به تفصيلا ، لا غائلة في ذلك.
__________________
(١) في ( ع ) : كمطلق.
(٢) كذا ، والظاهر : التشبّه.
(٣) لم نعثر عليه.