نعم ، يرد على الجواب المذكور أمران :
الأوّل : أنّ قضية ما ذكرنا هو تساوي الصوم وتركه ، لكونهما مندوبين تخييرا ، مع أنّ النصوص والفتاوى كادت أن تكون صريحة في ترجيح الترك على الصوم ، فما أوردنا على الشهيد رحمهالله (١) وارد عليه أيضا.
ويمكن دفعه : بأنّه إن اريد من أنّ النصّ والفتوى قاضية (٢) بعدم الرجحان في الصوم فهو ممّا لا سبيل إلى إثباته ، بل المعلوم خلافه ، ضرورة كونها عبادة ولا يتحقّق بدون الرجحان. وإن اريد أرجحيّة تركه على فعله مع ثبوت الرجحان في الفعل أيضا فلا ينافي ما ذكرنا.
ويمكن استكشاف الأفضليّة ، أوّلا : من الروايات الواردة في مقام الكراهة ، فإنّ في بعضها : « أنّ إفطارك لأخيك المؤمن أفضل من صيامك تطوّعا » (٣).
وثانيا : أنّ التعبير بلفظ « النهي » كاشف عن المرجوحيّة ، كما ربما يساعده العرف والاعتبار أيضا.
وثالثا : يدلّ على الأفضليّة فعل من يكون الواقع حكاية عن فعله ، وهم أئمّتنا صلوات الله عليهم أجمعين.
وبالجملة ، فيكون النهي في هذه المقامات أيضا إرشاديّا. ولا ضير فيه ، حيث إنّه مختصّ بمورد الأمر كما هو المفروض ، فلا ينافي كون النهي عن ذلك العنوان في غير مورد الأمر حقيقيّا لا إرشاديّا.
الثاني : أنّ مناط هذا الإرشاد ربما يقال بتحقّقه في جميع العبادات المستحبّة مع أفضليّة أحدهما عن الآخر.
__________________
(١) راجع الصفحة ٦٤٠ ـ ٦٤١.
(٢) كذا ، والمناسب : قاضيان.
(٣) الوسائل ٧ : ١٠٩ ، الباب ٨ من أبواب آداب الصائم ، الحديث ٣.