ويمكن دفعه : بالتزامه فيما إذا كان مثل المقام ، كأن كان عنوان الأفضل في الخارج عين غير الأفضل كالإفطار مع الصوم ، بل وفيما إذا كان أحدهما مقارنا للآخر كالإنقاذ. ومن هنا تراهم يحكمون بكراهة صوم المدعوّ إلى الطعام ، مع أنّ الرواية الواردة فيه هي ما عرفت : من أنّ « إفطارك لأخيك المؤمن ».
وبذلك يندفع مناقشة سيّد المدارك (١) على من حكم بالكراهة (٢) بواسطة الرواية المذكورة ، فإنّ الرواية تدلّ على الأفضليّة دون كراهة الصوم. هذا غاية توجيه المقام.
المقام الثالث
في تصوير الكراهة في العبادات التي بين عنوان المأمور به والمنهيّ عنه عموم من وجه.
فأوجه الوجوه في توجيهه هو الوجه المذكور فيما لا بدل له ، فيقال : إنّ المكلّف مخيّر بين الصلاة وتركها في بيوت الظلام ، لا من حيث إنّ تركها ترك لها ، بل من حيث إنّ ذلك الترك محفوف بعنوان التصرّف في ملك مشتبه غير معلوم الحال من الإباحة والغصبية ، والأفضليّة إنّما تستفاد من الوجوه المذكورة فيما سبق. ولا يصحّ الحمل على الأقلّ ثوابا ؛ لما عرفت من لزوم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد. وليس التخيير شرعيّا ليكون النهي مستعملا في أكثر من معنى ، بل هو بحكم
__________________
(١) المدارك ٦ : ٢٧٨.
(٢) تقدّم عنهم في الصفحة ٦٤٠.