الحسين عليهالسلام ... إلى غير ذلك من الامور المندوبة ، كبناء المساجد والقناطر وغير ذلك من الامور الباقية مدى الدهر التي ينتفع منها عامّة العباد في أطراف البلاد.
فإمّا أن يقال : بأنّ تأكّد الطلب غير كاشف عن تأكّد المصلحة وزيادة الثواب ، أو يقال بأنّ الواجب أفضل من المندوب مطلقا ولا وجه للأخذ بالروايات الظاهرة في الزيادة المخالفة لحكم العقل ، فإنّها مطروحة أو مؤوّلة ، وليس تلك الروايات بقطعيّة ـ كالإجماع ـ حتّى نحتاج إلى توجيه في الجمع بين العقل والإجماع ، بدعوى اختصاص أحدهما بما لا مدخل للآخر فيه ونحوه ، كيف! والإجماع ـ كما نقله المحقّق البهائي في الأربعين (١) ـ على خلافه.
وقد يقال في التوجيه : إنّ المصلحة القاضية بالوجوب هو دفع المضرّة والمفسدة ، والحكمة الداعية إلى الاستحباب هو جلب المنفعة ، وقضيّة قوله : « لكلّ امرئ ما نوى » (٢) هو حصول المنفعة للعبد بفعل المندوب فيما إذا قصده ودفع المضرّة عنه فيما إذا طلبه من فعل الواجب ، وهو لا ينافي فضل الواجب إذا اريد منه المصلحة أيضا.
وفيه أوّلا : أنّ دفع المضرّة في الواجب ملازم للمنفعة الداعية إلى تشريعه فيما لو اتي به على وجهه ، وإلاّ فلا يترتّب عليه دفع المضرّة أيضا.
وثانيا : أنّ الإشكال باق فيما لو فرضنا الإتيان بالواجب لأجل المنفعة على تقدير تعقّل الانفكاك.
وقد يدفع الإشكال عن الزيارة : بأنّ فضلها على كثير من الواجبات إنّما هو بواسطة كونها من مظاهر الولاية التي هي من أهمّ الواجبات ، فإنّها بالزيارة تتحقّق في الخارج.
__________________
(١) لم نعثر عليه.
(٢) الوسائل ١ : ٣٤ ، الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ١٠.