وربّما يكون الوجه في زيادة الثواب المترتّب على العمل شدّة الطلب المتعلّق به ، ويلزم من ذلك أن يكون الواجب أكثر ثوابا من المندوب ، كما لعلّه المشهور بينهم وورد فيه الروايات (١) ، إلاّ أنّ قضيّة ذلك عدم جواز الاستثناء من ذلك ، مع أنّهم ذكروا لقاعدة أفضليّة الواجب موارد مستثناة.
قال الشهيد في محكيّ القواعد : الواجب أفضل من الندب غالبا لاختصاصه بمصلحة زائدة ، ولقوله تعالى في الحديث القدسي « ما تقرّب اليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه » (٢) وقد تخلّف ذلك في صور : كالإبراء من الدين الندب ، وإنظار المعسر الواجب ، وإعادة المنفرد صلاته جماعة ، فإنّ الجماعة تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة ، فصلاة الجماعة مستحبّة وهي أفضل من الصلاة التي سبقت وهي واجبة. وكذلك الصلاة في البقاع الشريفة فإنّها مستحبة وهي أفضل من غيرها من مائة ألف إلى اثنتي عشرة صلاة. والصلاة بالسواك والخشوع في الصلاة مستحبّ ويترك لأجله سرعة المبادرة إلى الجمعة وإن فات بعضها مع أنّها واجبة (٣) ، انتهى.
وقد يشكل ـ مضافا إلى ما عرفت من عدم جواز تخصيص القاعدة العقليّة ـ : أنّ المركوز في أذهان المتشرّعة زيادة ثواب جملة كثيرة من المندوبات من (٤) جملة من الواجبات ، كالصيام في الهجير بالنسبة إلى ردّ السّلام ، وكذا زيارة
__________________
(١) ستأتي الإشارة اليها.
(٢) عوالي اللآلي ١ : ٤٠٨ ، الحديث ٧٤ ، وانظر الوسائل ٣ : ٥٣ ، الباب ١٧ من أبواب أعداد الفرائض ، الحديث ٦.
(٣) القواعد والفوائد ٢ : ١٠٦ ، القاعدة ١٨٥.
(٤) كذا ، والمناسب : « على ».