فإن قلت : هب! أنّ العالم والفاسق مفهومان متغايران ، ولكن متعلّق الأمر والنهي واحد وهو الإكرام ، بخلاف « صلّ » و « لا تغصب » لاختلاف المتعلّقين فيهما.
قلت : إنّ المدار على الاختلاف في المعنى وإن اتّحد المتعلّقان في الصورة ، وهو حاصل في المقام ، فإنّ إضافة الإكرام إلى العالم والفاسق ونحوهما يوجب تنويع الإكرام إلى أفعال يصحّ تعلّق الأمر بأحدها والنهي بغيره ، كما يلاحظ في السجود المضاف إليه تعالى والسجود المضاف إلى الشمس ، وإلاّ فلا وجه للأمر والنهي في غير مورد الاجتماع أيضا ، مع أنّه لا كلام في صحّة الأمر بالإكرام بالنسبة إلى زيد العالم والنهي عنه بالنسبة إلى عمرو الفاسق ضرورة اشتراط اتّحاد الإضافة في التناقض.
فإن قلت : هب! أنّ الإضافة توجب اختلاف الإكرام ، لكن فرق بيّن بين اختلاف الصلاة والغصب وبين اختلاف الإكرامين بواسطة تعدّد الإضافة ، فإنّ مورد الاجتماع في الأوّل يوجد فيه فعلان مختلفان ، غاية الأمر أنّهما موجودان بوجود واحد ، ومورد الاجتماع في الثاني فعل واحد تعدّد إضافاته ، فالموجود والوجود في الثاني كلاهما واحد ، ولذلك لا يصحّ العطف فيه بالواو ، كأن يقال : إنّ المكلّف أوجد إكراما وإكراما ، كما يصحّ في الأوّل أن يقال : إنّه أوجد صلاة وغصبا ، فمرجع التغاير في الأوّل إلى التغاير الواقعي وفي الثاني إلى مغايرة اعتباريّة صرفة ، لا يصحّ فيها اجتماع حكمين متضادّين. ولعل السرّ في ذلك : أنّ الإكرام مثل السواد والبياض متعلّق بالموجودات الخارجيّة ابتداء ، فإنّ السواد الموجود في جسم واحد ـ كالعباء مثلا ـ لا يعدّ سوادان ، سواد الصوف وسواد العباء لو فرضنا اقتضاء كلّ واحد منهما السواد. ومن هنا يظهر وجه خروج المثال المذكور عن محلّ البحث أيضا.