ويظهر ذلك بالرجوع إلى كلمات الفقهاء في الأبواب الفقهيّة والاصوليّين في باب التعادل والتراجيح ، مع أنّه لا يعقل فرق بين أن يكون العموم من وجه بين العنوانين في الأمر والنهي بملاحظة نفس المفهومين ـ كالغصب والصلاة ـ أو بملاحظة متعلّقهما كما في المثال المذكور.
ويمكن أن يجاب عن ذلك بمثل ما ذكرنا في وجه التفصيل.
وحاصله : أنّ العرف وإن قلنا بأنّه لا يقضى بتعلّق الطلب في مثل قولك : « صلّ » و « لا تغصب » بالفرد ، إلاّ أنّه قاض بتعلّقه بالفرد في قولك : « أكرم العالم » ولعلّ السرّ في ذلك هو : أنّ الوجه في اختلاف المأمور به والمنهيّ عنه هو تعلّق المأمور به والمنهيّ عنه بالعالم والفاسق ، وهما في المثال المذكور لا يراد بهما مفهوم العالم والفاسق على وجه يكون ثبوت الحكم لزيد العالم باعتبار ثبوت هذا المفهوم لزيد ، بل « العالم » عنوان لزيد على وجه يكون زيد متعلّقا للحكم ابتداء من دون سراية ، فيؤول الأمر إلى اجتماع وجوب الإكرام لزيد وحرمته له بواسطة جهتين تعليليّتين ، وذلك ممّا اتّفق المجوّز والمانع على امتناعه.
وفيه : أنّ اعتبار العالم لأفراده على وجه يكون عنوانا لها من غير سراية ويكون الحكم ثابتا لزيد ابتداء يشبه أن يكون من سخيف الكلام ، فإنّ الظاهر أنّ وجوب إكرام زيد من حيث إنّه فرد من أفراد العالم ، والمفروض حصول طبيعة الفاسق فيه أيضا ، فيحرم إكرامه ـ كما هو مفاد النهي ـ فالقائل بالجواز يلزمه القول بالجواز في المقام أيضا ، لأنّ العالم والفاسق طبيعتان مختلفتان تعلّق بإحداهما الوجوب وبالاخرى الحرمة ، وقد اجتمعتا في فرد واحد ، فيجب إكرام إحداهما ويحرم إكرام الاخرى ، فلو فرض إكرام مورد الاجتماع كان بذلك عاصيا من جهة إكرام الفاسق ومطيعا من جهة إكرام العالم ، فلو كانت الجهتان تعليليّتين فلم لا نقول به في مثل الغصب والصلاة؟