المعنى الذي يستحيل عقلا اجتماع الوجوب والحرمة فيه ، كأن يكون المستفاد من الخطابات تعلّق التكاليف ابتداء بخصوص الأفراد ، فليس العرف حاكما في قبال العقل ، إلاّ أنّ استناد الامتناع إليه بواسطة أنّ موضوعه ممّا للعرف مدخل فيه ، ولو من حيث استفادة ذلك الموضوع من اللفظ.
قلت : إنّ وجه اختلاف المعنى اللغوي للمعنى العرفي ، إمّا الوضع الثانوي أو القرينة ، والأوّل معلوم العدم وظنّي أنّه لا يدّعيه المفصّل أيضا. والثاني إمّا أن يكون عقلا أو غيره من غلبة الاستعمال أو الوجود ممّا هو منشأ الاختلاف.
أمّا الأوّل : فلا نجد في العقل ما يقضي بأن يكون المستفاد من قول الشارع : « صلّ » و « لا تغصب » الموضوعين في اللغة لطلب طبيعة الصلاة والنهي عن طبيعة الغصب وجوب خصوص الفرد وحرمته حتّى يلزم المحذور ، فإنّ المفروض أن لا امتناع في ذلك ، فلا داعي للعقل في صرفه عن ظاهره. وعلى تقدير الامتناع فالوجه صرفه إلى معنى غير ممتنع ، لا إلى معنى أشدّ امتناعا من معناه الحقيقي ، كأن يحمل على الأفراد ، كما هو مقصود المفصّل.
وأمّا الثاني : فلا نعرف شيئا يقضي بأنّ المستفاد من الخطابات الشرعيّة غير مداليلها اللغويّة ، فضلا عن تعيين الأفراد حتّى يترتّب عليه التفصيل المذكور. فالحقّ أنّ ما ذكروه من قضاء العرف بالامتناع أعدل شاهد على أنّ اجتماع الوجوب والحرمة في مورد اجتماع الطبيعتين من الامور المستحيلة ؛ لما قد تقدّم من أنّ التخصيص لا يعقل بدون التعارض ، وهو عين الامتناع.
ثمّ إنّ ظاهر المفصّل هو ما قدّمنا دفعه من أنّ العرف حاكم بالامتناع في موضوع حكم العقل بالجواز ، ولذلك تعرّضنا لدفعه أوّلا ، فتدبّر.
ثمّ إنّه قد يورد على المجوّزين : اتّفاقهم على التعارض فيما إذا كان العموم من وجه بين متعلّقي الأمر والنهي ، كما في قولك : « أكرم العالم » و « لا تكرم الفاسق »