وفيه : أنّ كلّ واحد من المانعين موجود.
أمّا الأوّل ؛ فلما عرفت من أنّ تعدّد الجهة غير مجد.
وأمّا الثاني ؛ فلإطباق العقلاء كافّة على تخطئة من يكلّف عبده بالخروج وعدمه ، بل هو منسوب إلى سخافة الرأي وركاكة العقل ، من غير فرق بين أن يكون الوجه في ذلك هو المكلّف أو غيره ، كما يشهد بذلك حسن الذمّ على التكليف من غير توقّف على استعلام الوجه في ذلك من أنّ المكلّف هو السبب في امتناع الفعل أو غيره ، وهو ظاهر.
وأمّا القضيّة المشهورة : من أنّ « الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار » فليست واردة في مقام صحّة التكليف عند امتناع الفعل بواسطة الاختيار ، كما أوردها المستدلّ (١) ، بل الإنصاف أنّ هذه القضيّة كقولهم : « الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار » مسوقة في مقام الردّ على أهل الجبر ، حيث إنّهم زعموا أنّ وجود العلّة التامّة للفعل يوجب ارتفاع الاختيار ومع عدمها يمتنع وجوده. فأجاب العدليّة عن ذلك : بأنّ الاختيار من جملة أجزاء العلّة التامّة لوجود الفعل وبذلك يصير الفعل اختياريّا فإنّ للاختيار مدخلا في وجوده (٢) ؛ ولذلك أردفها بعضهم بقوله : « بل يؤكّده » (٣) فمفاد تلك القضيّة هو : أنّ الاختيار السابق الذي يصير سببا لامتناع الفعل يكفي في كون الفعل الممتنع اختياريّا بمعنى جواز اللوم على تركه أو المدح عليه ، وأين من ذلك أنّ بعد اتّصافه بالامتناع بواسطة الاختيار يصحّ تعلّق التكليف به لكونه اختياريّا؟
__________________
(١) القوانين ١٥٣ ـ ١٥٤.
(٢) انظر كشف المراد : ٣٠٨ ـ ٣٠٩ ، وشرح تجريد العقائد للقوشجي : ٣٤١.
(٣) لم نعثر عليه.